الشحنة بكبة أن يبايع للراشد، وجلس الراشد في الشباك في الدار المثمنة المقتدوية، وبايعه الشحنة من خارج الشباك، وذلك في السابع والعشرين من ذي القعدة، وظهر للناس، وكان أبيض جسيمًا بحمرةٍ مستحسنا، وكان يومئذٍ بين يديه أولاده وإخوته، ونادى بإقامة العدل ورد بعض المظالم.
وفي أيام الغدير ظهر التشيع، ومضى خلقٌ إلى زيارة مشهد علي ومشهد الحسين.
وفيها نازل زنكي دمشق، وحاصرها أشد حصار، فقام بأمر البلدان أتم قيام، وأحبه الناس، فجاء إلى زنكي رسول المسترشد بالله يأمره بالرحيل.
وفي ذي القعدة سار السلطان سنجر بالجيوش إلى غزنة فأشرف عليها، وهرب منه ملكها، فأمنه ونهاه عن ظلم الرعية، وأعاده إلى مملكته، وهو بهرام شاه، ورجع السلطان فوصل بلخ في شوال من سنة ثلاثين.
[سنة ثلاثين وخمسمائة]
جاء برنقش بأمورٍ صعبة، فقالوا للراشد بالله: جاء مطالبًا بخطٍ كتبه المسترشد بالله لمسعود ليتخلص من أسره بمبلغ، وهو سبعمائة ألف دينار، ويطالب لأولاد صاحب المخزن بثلاثمائة ألف، وبقسط على أهل بغداد خمسمائة ألف دينار، فاستشار الراشد الكبار، فأشاروا عليه بالتجنيد، وأرسل الخليفة إلى برنقش: أما الأموال امضمونة فإنما كانت لإعادة الخليفة إلى داره، وذلك لم يكن، وأنا مطالب بالثأر، وأما مال البيعة، فلعمري، لكن ينبغي أن تعاد إلي أملاكي وإقطاعي، حتى يتصور ذلك، وأما الرعية فلا سبيل لكم عليهم، وما عندي إلا السيف، ثم أحضر كجبة وخلع عليه، وأعطاه ثلاثة آلاف دينار، وقال له: دون بهذه عسكرا، وجمع العساكر، وبعث إلى برنقش يقول: كنا قد تركنا البلد مع الشحنة والعميد، فلما جئت بهذه الأشياء فعلنا هذا.
وانزعج أهل بغداد، وباتوا تحت السلاح، ونقل الناس إلى دار الخلافة ودار خاتون متاعهم، وقيل للخليفة: إنهم قد عزموا على كبس بغداد وقت الصلاة، فركب العسكر، وحفظ الناس البلد، وقطع الجسر، وجرى في أطراف البلد قتال قوي.
وفي صفر قدم زنكي، والبازدار، وإقبال، عليهم ثياب العزاء، وحسنوا للراشد الخروج فأجابهم، واستوزر أبا الرضا بن صدقة، واتفقوا على حرب