٢١٢ - عبد اللَّه بن عمر بن أبي بكر. سيف الدين، أبو القاسم المقدسي، الحنبلي الفقيه، أحد الأعلام.
وُلد سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة بجبل قاسيون. ورحل إلى بغداد، وسمع بها الكثير، وتفقه.
قرأت أخباره بخط الحافظ الضياء، قال: اشتغل بالفقه، والخلاف، والفرائض، والنحو، وصار إمامًا، عالمًا، ذكيا، فطنًا، فصيحًا، مليح الإيراد، حتّى إنني سمعت بعض الناس يقول عن بعض الفقهاء أنه قال: ما اعترض السيف على مستدل إلا ثلم دليله. وكان يتكلم في المسألة غير مستعجلٍ بكلام فصيح من غير توقف ولا تتعتع، وكان حسن الخلق والخلق، وكان أنكر منكرًا ببغداد، فضربه الذي أنكر عليه وكسر ثنيته، ثم إنه مُكّن من ذلك الرجل، فلم يقتصّ منه.
وسافرتُ معه إلى بيت المقدس، فرأيت منه من ورعه وحُسنِ خُلقه ما تعجبت منه.
قال: وشهدنا غزاةً مع صلاح الدّين، فجاء ثلاثة فقهاء فدخلوا خيمة أصحابنا، فشرعوا في المناظرة، وكان الشيخ الموفق والبهاء حاضرين، فارتفع كلام أولئك الفقهاء، ولم يكن السيف حاضرًا، ثم حضر فشرع في المناظرة، فما كان بأسرع من أن انقطعوا من كلامه.
وسمعت البهاء عبد الرحمن يقول مرة: كان أبو القاسم عبد اللَّه بن عمر فيه من الذكاء والفطنة ما يدهش أهل بغداد. كان يحفظ درس الشيخ إذا ألقي عليه من مرة أو مرتين، وكنت أنا أتعب حتّى أحفظه.
وكان ورعًا، يتعلم من العماد، ويسلك طريقه، وكان مبرزًا في علم الخلاف.
واشتغل بعلم النحو على الشيخ أبي البقاء، فحفظ كتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي، واشتغل بعلم العروض وصنَّف فيه تصنيفا.