للخليفة من يؤم بقتالك غيري، ومعي الفرسان وأهل النجدة والبأس. فإن وجهت إليك لم يبق أحد يحاربنا إلا ثلاثة: العرب، والمغاربة، والأتراك فأما العربي فبمنزلة الكلب، اطرح له كسرة، ثم اضرب رأسه بالدبوس. وهؤلاء الذئاب، يعني المغاربة، فإنهم أكلة رأس، وأما الترك فإنما هي ساعةٌ حتى تنفذ سهامهم، ثم تجول عليهم الخيل جولةً، فتأتي على آخرهم، ويعود الدين إلى ما لم يزل عليه أيام العجم، فقال الأفشين: هذا يدعي على أخي، ولو كنت كتبت بهذا إليه لأستميله كان غير مستنكر، لأني إذا نصرت أمير المؤمنين بيدي، كنت أن أنصره بالحيلة أحرى لآخذ برقبة ذا. فزجره أحمد بن أبي دؤاد، وقال: أمطهرٌ أنت؟ قال: لا، قال: ما منعك من ذلك؟ قال: خفت التلف، قال: أنت تلقى الحروب وتخاف من قطع قلفة. قال: تلك ضرورة أصبر عليها، وأما القلفة فلا، ولا أخرج بها من الإسلام. فقال أحمد: قد بان لكم أمره. قال: فرد إلى الحبس.
وفيها زلزلت الأهواز، وسقط أكثر البلد والجامع، وهرب الناس إلى ظاهر البلد، ودامت الزلزلة أياما، وتصدعت الجبال منها.
وفيها ولي إمرة دمشق دينار بن عبد الله، وعزل بعد أيام بمحمد بن الجهم السامي، وكلاهما لم يترجمه ابن عساكر، ولم يذكر من أخبارهما شيئا.
ومن سنة ست وعشرين ومائتين
فيها توفي إسحاق بن محمد الفروي، وإسماعيل بن أبي أويس، وجندل بن والق، وسعيد بن كثير بن عفير، وسنيد بن داود المصيصي، وعياش بن الوليد الرقام، وغسان بن الربيع الموصلي، ومحمد بن مقاتل المروزي، ويحيى بن يحيى التميمي النيسابوري.
وفيها في جمادى الآخرة مطر أهل تيماء، على ما ذكر ابن حبيب الهاشمي بردا كالبيض، قتل منهم ثلاثمائة وسبعين نفسا، ونظروا إلى أثر قدم طولها نحو ذراع، ومن الخطوة إلى الخطوة نحو خمسة أذرع. وسمعوا صوتا: ارحم عبادك، اعْفُ عن عبادك.
وكان المعتصم قد سجن الأفشين في مكان ضيق، فذكر حمدون بن إسماعيل قال: بعث معي الأفشين رسالة إلى المعتصم يترقق له، ويحلف