للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن هشام (١): أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشرة رجلا مِنْ بَنِي مَالِكٍ بنْ ثَقِيفٍ. فَتَهَايَجَ الْحَيّانِ مِنْ ثَقِيفٍ رَهْطُ الْمَقْتُولِينَ، وَالْأَحْلَافُ رَهْطُ الْمُغِيرَةِ، فَوَدَى عُرْوَةُ الْمَقْتُولِينَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ دِيَةً، وأصلح الأمر.

وقال ابن لهيعة: حدثنا أبو الأسود، قال عروة: وخرجت قريش من مكة، فسبقوا النبي إلى بلدح (٢) وإلى الماء، فنزلوا عليه، فلما رأى رسول الله أنه قد سبق نزل على الحديبية، وذلك في حر شديد وليس بها إلا بئر واحدة، فأشفق القوم من الظمأ وهم كثير، فنزل فيها رجال يميحونها، ودعا رسول الله بدلو من ماء فتوضأ في الدلو ومضمض فاه ثم مج فيه، وأمر أن يصب في البئر، ونزع سهما من كنانته فألقاه في البئر ودعا الله - تعالى - ففارت بالماء حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها، وهم جلوس على شفتها (٣).

وقد كان النبي سلك على غير الطريق التي بلغه أن قريشا بها.

قال ابن إسحاق (٤): فحدثني عبد الله بن أبي بكر، أن رجلا من أسلم قال: أتانا رسول الله قال: فسلك بهم طريقا وعرا أخزل من (٥) شعاب، فلما خرجوا منه - وقد شق ذلك على المسلمين - وأفضوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي، قال رسول الله : قولوا: نستغفر الله ونتوب إليه فقالوا ذلك. فقال: والله إنها للحطة التي عرضت على بني إسرايئل فلم يقولوها.

قال عبد الملك بن هشام (٦): فأمر رسول الله الناس فقال: اسلكوا ذات اليمين بين ظهري المحمص (٧) في طريق تخرجه على ثنية المرار،


(١) سيرة ابن هشام ٢/ ٣١٣.
(٢) وادٍ قبل مكة من جهة المغرب.
(٣) دلائل النبوة ٤/ ١١٢.
(٤) ابن هشام ٢/ ٣٠٩ - ٣١٠.
(٥) في السيرة: "أجرل بين"، وهو الكثير الحجارة، ويروى أجرد، أي: ليس فيه نبات.
(٦) ابن هشام ٢/ ٣١٠.
(٧) جَوّده البشتكي نقلًا عن المؤلف، وفي سيرة ابن هشام: الحَمْش، وفي تاريخ الطبري =