للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحديبية بئر، فنزحناها فما تركنا فيها قطرة. فبلغ ذلك النبي فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء منها فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها فتركها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا نحن وركابنا. أخرجه البخاري (١).

وقال عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال: قدمنا مع رسول الله الحديبية، ونحن أربع عشرة مائة، وعليها خمسون شاة ما ترويها. فقعد رسول الله على جباها (٢)، فإما دعا وإما بزق فيها فجاشت فسقينا واستقينا. أخرجه مسلم (٣).

وقال البكائي: قال ابن إسحاق (٤): حدثني الزهري، عن عروة، عن مسور، ومروان بن الحكم أنهما حدثاه قالا: خرج رسول الله عام الحديبية يريد زيارة البيت، لا يريد قتالا. وساق معه الهدي سبعين بدنة، وكان الناس سبع مائة رجل، فكانت كل بدنة عن عشرة نفر.

قال ابن إسحاق (٥): وكان جابر بن عبد الله - فيما بلغني - يقول: كنا أصحاب الحديبية أربع عشرة مائة.

قلت: قد ذكرنا عن جماعة من الصحابة كقول جابر.

ثم ساق ابن إسحاق حديث الزهري بطوله، وفيه ألفاظ غريبة، منها: وجعل عروة بن مسعود يكلم النبي ، والمغيرة واقف على رأس رسول الله في الحديد. قال: فجعل يقرع يد عروة إذا تناول لحية رسول الله ويقول: اكفف يدك عن لحية رسول الله أن لا تصل إليك. فيقول عروة: ويحك ما أفظك وأغلظك. قال: فتبسم رسول الله . فقال له عروة: من هذا يا محمد؟ قال: هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة. قال: أي غدر، وهل غسلت سوءتك إلا بالأمس؟.


(١) البخاري ٥/ ١٥٦، ودلائل النبوة ٤/ ١١٠.
(٢) كتب على هامش الأصل: "هو ما حول البئر".
(٣) مسلم ٥/ ١٨٩ و ١٩٥، ودلائل النبوة ٤/ ١١١.
(٤) ابن هشام ٢/ ٣٠٨.
(٥) ابن هشام ٢/ ٣٠٩.