ويؤانس صبيانهم ويسألهم عما يشتغلون به من علم أو صنعة، بقي الغرباء يرغبون في بلده، ويشترون به العقار، وكان عسكره أهل بلده قد جعلهم يتعلمون الرمي وأجرى عليهم رزقا ولهم صنائع، وكان له مراكب يقاتل بها، وصاهر بني الرنداحي رؤساء البحر، وكانوا شجعانا أجلادا، فقوي أمره، حدث عن أبيه، وكان أبوه عالما بالحديث، وحدث أيضا عن أبي القاسم بن بقي، وأبي الربيع بن سالم، كتب إلي بالإجازة وألف كتاب الدر المنظم في المولد المعظم، وكان يعمل بسبتة المولد بخلاف سائر الأندلس، فإنه لا يعمل فيها سوى ميلاد عيسى تبعا للنصارى إلى أن قال: وله نظم.
قلت: امتدت أيام دولته وشاخ وبقي إلى سنة بضع وسبعين وستمائة.
٥٨٥ - أبو القاسم بن أحمد بن طولون، المرائغي.
شيخ معمر، ولد قبل سنة تسعين وخمسمائة، وصحب الشيخ أبا الحسن بن الصباغ، وسمع منه الحديث، وكتب في إجازة ابن عبد الحميد، وكان من الصلحاء المشهورين.
• - بنو مرين، قبيلة كبيرة من عرب المغرب فيهم شجاعة مفرطة وإقدام.
كان مقامهم بالريف الجنوبي من أرض تازة، ولما رأوا ضعف دولة بني عبد المؤمن نزعوا الطاعة وتابعوا الغارة واستفحل أمرهم واقتلعوا فاس من الموحدين واستولوا عليها في سنة تسع وثلاثين وستمائة، فأول من قام بالزعامة منهم أبو بكر بن عبد الحق بن محيو بن حمامة المريني، ثم سار بعساكره وضايق بني عبد المؤمن إلى أن مات في سنة ثلاث وخمسين، فتملك بعده أخوه يعقوب بن عبد الحق، فقوي أمره وكثرت جيوشه، فحاصر أبا دبوس إلى أن أخذ منه مراكش، وزالت أيام بني عبد المؤمن، ثم إنه افتتح سبتة في سنة اثنتين وسبعين، ثم. . . . وتملك بعده ابنه السلطان يوسف بن يعقوب، ودانت له الأمم إلى أن قتل سنة ست وسبعمائة.