أصبح وقد بلغت الكتف، وأمسى وقد خالطت الجوف، فكتب إليه: أما بعد، فإني كتبت إليك يا أمير المؤمنين، وأنا في أول يوم من أيام الآخرة، قال: فجزع عليه عبد الملك، وأمر الشعراء فرثوه.
وقال علي بن زيد بن جدعان: قال الحسن: قدم علينا بشر بن مروان البصرة وهو أبيض بض، أخو خليفة، وابن خليفة، فأتيت داره، فلما نظر إلي الحاجب قال: من أنت؟ قلت: الحسن البصري، قال: ادخل، وإياك أن تطيل الحديث ولا تمله، فدخلت فإذا هو على سرير عليه فرش قد كاد أن يغوص فيها، ورجل متكئ على سيفه قائم على رأسه، فسلمت، فقال: من أنت؟ قلت: الحسن البصري، فأجلسني، ثم قال: ما تقول في زكاة أموالنا، ندفعها إلي السلطان أم إلى الفقراء؟ قلت: أي ذلك فعلت أجزأ عنك، فتبسم، ثم رفع رأسه إلى الذي على رأسه، فقال: لشيء ما يسود من يسود، ثم عدت إليه من العشي، وإذا هو قد انحدر من سريره إلى أسفل وهو يتململ، والأطباء حوله، ثم عدت من الغد والناعية تنعاه، والدواب قد جزوا نواصيها، ودفن في جانب الصحراء. ووقف الفرزدق على قبره ورثاه بأبيات، فما بقي أحد إلا بكى.
قال خليفة: مات سنة خمس وسبعين، وهو أول أمير مات بالبصرة، توفي وعمره نيف وأربعون سنة.
١٢ - توبة بن الحمير صاحب ليلى الأخيلية، أحد المتيمين.
وكان لا يرى ليلى إلا متبرقعة، وكان يشن الغارة على بني الحارث بن كعب، وكانت بين أرض بني عقيل وبني مهرة، فكمنوا له وقتلوه، فرثته ليلى الأخيلية بأبيات.
ومن شعره قوله:
فإن تمنعوا ليلى وحسن حديثها فلن تمنعوا مني البكا والقوافيا فهلا منعتم إذ منعتم كلامها خيالا يمسينا على النأي هاديا