للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أبوه سقاء بالكوفة يلقب بعيدان (١).

قال أبو الحسن محمد بن يحيى العلوي: حدّثني كتبي كان يجلس إليه المتنبّي، قال: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عيدان، كان اليوم عندي وقد أحضر رجل كتابًا من كتب الأصمعيّ نحو ثلاثين ورقة ليبيعه، فأخذ ينظر فيه طويلًا، فقال له الرجل: يا هذا أريد أن أبيعه، فإن كنت تريد حفظه فهذا يكون بعد شهر، فقال له ابن عيدان: فإن كنت قد حفظته فمالي عليك؟ قال: أهبه لك. قال: فأخذت الدفتر من يده، فأقبل يقرأ عليّ إلى آخره، ثم استلبه فجعله في كمه وقام، فعلق به صاحبه وطالبه بالثمن، فمنعناه منه، وقلنا: أنت شرطت على نفسك.

قال أبو الحسن العلوي: كان عيدان يذكر أنّه جعفيّ.

قال أبو القاسم التنوخيّ: وقد كان المتنبّي خرج إلى كلب وأقام فيهم وادّعى أنّه علوي، ثم ادعى بعد ذلك النبوة إلى أن شهد عليه بالكذب في الدعوتين، وحبس دهرًا وأشرف على القتل، ثم استتابوه وأطلقوه.

قال التنوخي (٢): حدّثني أبي، قال: حدثني أبو علي بن أبي حامد قال: سمعنا خلقًا بحلب يحكون والمتنبّي بها إذ ذاك أنه تنبّأ في بادية السماوة، قال: فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قبل الإخشيدية، فأسره بعد أن قاتل المتنبي ومن معه، وهرب من كان اجتمع عليه من كلب، وحبسه دهرًا، فاعتل وكاد أن يتلف، ثم استتيب بمكتوب. وكان قد قرأ على البوادي كلامًا ذكر أنّه قرآن أنزل عليه نسخت منه سورة فضاعت وبقي أولها في حفظي وهو: والنجم السيار، والفلك الدوار والليل والنهار، إن الكافر لفي أخطار، امض على سننك واقف أثر من كان قبلك من المرسلين، فإن الله قامع بك زيغ من ألحد في الدين، وضل عن السبيل. قال: وهي طويلة. قال: وكان المتنبي إذا شوغب في مجلس سيف الدولة، ونحن إذ ذاك بحلب، يذكر له هذا القرآن فينكره ويجحده. وقال له ابن خالويه النحويّ يومًا في مجلس سيف الدولة: لولا أنّ


(١) ينظر مشتبه المصنف ٤٣٣ وتعليقنا على تاريخ الخطيب ٥/ ١٦٥.
(٢) نشوار المحاضرة ٨/ ١٩٨ - ١٩٩.