للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى قذف به من يده، وقامت إليه رجال قريش فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ فقال: قمت إليه لأفعل ما قلت لكم، فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل، والله ما رأيت مثل هامته ولا قصرته (١) ولا أنيابه لفحل قط، فهم أن يأكلني.

قال ابن إسحاق: فذكر لي أن رسول الله قال: ذاك جبريل لو دنا مني لأخذه (٢).

وقال المحاربي وغيره، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: مر أبو جهل بالنبي وهو يصلي فقال: ألم أنهك عن أن تصلي يا محمد؟ لقد علمت ما بها أحد أكثر ناديا مني، فانتهره النبي ، فقال جبريل: (فليدع ناديه سندع الزبانية)، والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب (٣).

وقال البيهقي (٤): أخبرنا الحاكم، قال: أخبرنا محمد بن علي الصنعاني بمكة، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي فقرأ عليه القرآن، فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه فقال: يا عم، إن قومك يرون أن يجمعوا لك مالا. قال: لم؟ قال: ليعطوك فإنك أتيت محمدا لتعرض لما قبله، قال: قد علمت أني من أكثرها مالا، قال: فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر لها، أو أنك كاره له، قال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيدته مني، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا، ووالله إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر فيه، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر، يأثره


(١) القَصَرَة: العنق.
(٢) انظر سيرة ابن هشام ١/ ٢٩٩، ودلائل النبوة ٢/ ١٩٠ - ١٩١.
(٣) دلائل النبوة ٢/ ١٩٢.
(٤) دلائل النبوة ٢/ ١٩٨ - ١٩٩.