للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا عانده أحدٌ في شيءٍ إلا وقد نصره الله، وكان نزه النفس عن المطامع، لا يدخل على السلاطين، ولا على المتصلين بهم، قد خلى دارًا من ملكه لأهل العلم، مع خفة ذات يده، ولو أعطاه الرجل الدنيا بأسرها لم يرتفع عنده بذلك، ويكون هو وغيره ممن لم يعطه شيئًا سواء، يشهد بجميع ذلك الموافقون والمخالفون، بلغ عدد أماليه نحوا من ثلاثة آلاف وخمسمائة مجلس، وقلما نعلم أحدا بأصبهان بلغ عدد أماليه هذا القدر، وكان يحضر مجلس إملائه المسندون، والأئمة، والحفاظ، وما رأيناه قد استخرج إملاءه كما يفعله المملون، بل كان يأخذ معه أجزاء، فيملي منها على البديهة، أخبرنا أبو زكريا يحيى بن منده الحافظ إذنًا في كتاب الطبقات قال: إسماعيل بن محمد الحافظ أبو القاسم، حسن الاعتقاد، جميل الطريقة، مقبول القول، قليل الكلام، ليس في وقته مثله.

وقال أبو مسعود عبد الجليل بن محمد كوتاه: سمعت أئمة بغداد يقولون: ما رحل إلى بغداد بعد أحمد بن حنبل رجل أفضل وأحفظ من الشيخ الإمام إسماعيل.

قال أبو موسى: باب الدليل على أنه إمام المائة الخامسة الذي أحيا الله به الدين، قال: لا أعلم أحدًا في ديار الإسلام يصلح لتأويل هذا الحديث إلا هذا الإمام، أبو القاسم إسماعيل رحمة الله عليه.

قلت: تكلف أبو موسى في هذا الباب تكلفًا زائدًا، إذ جعل أبا القاسم على رأس الخمسمائة، وإنما كان اشتهاره من العشرين وخمسمائة ونحوها، وإلى أن مات، هذا إذا سلم له أنه أجل أهل زمانه في العلم.

وقال أيضًا: فإن اعترض معترضٌ بقول أحمد: إن النبي قال في الحديث برجلٍ من أهل بيتي، قيل له: لم يرد أن يكون من بني هاشم أو بني المطلب.

قلت: لم يقل أحمد هذا أصلًا، ولا قاله رسول الله ، فالاعتراض باطل، ثم إنه أخذ يتكلف عن هذا، وقال: فثبت أنه أراد من قريش، وهذا الإمام الذي تأولته على الحديث من قريش من أولاد طلحة بن عبيد الله من جهة