وعنه: نفطويه، والقاضي أبو عمر محمد بن يوسف، وجماعة.
وكان من أذكياء العالم. جلس للفتيا بعد والده، وناظر أبا العباس بن سريج. قال القاضي أبو الحسن الداودي: لما جلس محمد بن داود للفتيا بعد وفاة والده استصغروه، فدسوا عليه من سأله فسئل عن حد السكر ما هو؟ ومتى يكون الإنسان سكران؟ فقال: إذا عزبت عنه الهموم، وباح بسره المكتوم. فاستحسن ذلك منه.
وقال محمد بن يوسف القاضي: كنت أساير محمد بن داود، فإذا بجارية تغني بشيء من شعره وهو:
أشكو غليل فؤاد أنت متلفه … شكوى عليل إلى إلف يعلله
سقمي تزيد مع الأيام كثرته … وأنت في عظم ما ألقى تقلله
الله حرم قتلي في الهوى سفها … وأنت يا قاتلي ظلما تحلله
وعن عبيد الله بن عبد الكريم قال: كان محمد بن داود خصما لابن سريج، وكانا يتناظران ويترادان في الكتب، فلما بلغ ابن سريج موت محمد، نحى مخاده وجلس للتعزية وقال: ما آسى إلا على تراب أكل لسان محمد بن داود.
وقال محمد بن إبراهيم بن سكرة القاضي: كان محمد بن جامع الصيدلاني محبوب محمد بن داود ينفق على محمد بن داود، وما عرف معشوق ينفق على عاشق سواه.
ومن شعره:
حملت جبال الحب فيك وإنني … لأعجز عن حمل القميص وأضعف
وما الحب من حسن ولا من سماجة … ولكنه شيء به الروح تكلف
وقال نفطويه النحوي: دخلت على محمد بن داود في مرضه، فقلت: كيف تجدك؟ قال: حب من تعلم أورثني ما ترى.
فقلت: ما منعك من الاستمتاع به. مع القدرة عليه؟ فقال: الاستمتاع على وجهين: أحدهما النظر، وهو أورثني ما ترى. والثاني اللذة المحظورة، ومنعني منها ما