فشاور قواده، فأبوا عليه، فخرج هارون فصاح: المكتفي يا منصور. فقال القواد: هذا يريد هلاكنا. فدسوا خادماً، فقتله على فراشه، وأقاموا مكانه شيبان بن أحمد بن طولون ثم خرج شيبان إلى محمد مستأمناً. ثم سير آل طولون إلى بغداد، فحبسوا بها.
قال نفطويه: ظهر من شجاعة محمد بن سليمان، وإقدامه على النهب، وضرب الأعناق، وإباحة الأموال الطولونية، ما لم ير مثله. ثم اجتبى الخراج. وكان يركب بالسيوف المسللة والسلاح.
وفيها وافى طغج بن جف وأخوه بدر بغداد، ودخل بدر الحمامي، فوجه يومئذ مائتي جمازة إلى عسكر محمد بن سليمان، لأن العباس بن الحسن الوزير ساء ظنه بمحمد بن سليمان، وخاف أن يغلب على مصر، وبلغه عنه كلام، فكتب إلى القواد الذين مع محمد بالقبض عليه، ففعل ذلك جماعة منهم وقيدوه.
وفي جمادى الأولى زادت دجلة زيادةً لم ير مثلها، حتى خربت بغداد، وبلغت الزيادة إحدى وعشرين ذراعاً.
وفيها خرج الخلنجي القائد بنواحي مصر، فسار من بغداد فاتك المعتضدي لمحاربته، واستولى الخلنجي على مصر.
وفيها قدم بدر الحمامي على المكتفي، فبالغ في إكرامه وحبائه، وتلقته الدولة، وطوق وسور، وجهز مع فاتك في جيشٍ كثيفٍ لحرب الخلنجي.
وفيها وصلت تقادم إسماعيل بن أحمد من خراسان على ثلاثمائة جمل، ومائة مملوك.
[سنة ثلاث وتسعين ومائتين]
فيها توفي: إبراهيم بن علي الذهلي، وداود بن الحسين البيهقي، وعبدان المروزي، وعيسى بن محمد الطهماني المروزي، والفضل بن العباس بن مهران الأصبهاني، ومحمد بن أسد المديني، ومحمد بن عبدوس بن كامل السراج، وهميم بن همام الطبري الآملي.
وفي أولها: واقع الخلنجي المتغلب على مصر عسكر المكتفي على العريش، فهزمهم أقبح هزيمة.