للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

داود خلعة مذهبة وخلع على أصحابه، وأعطاه جملة من المال وبعث معه رسولا إلى الكامل يشفع إليه في إخلاص نيته للناصر وإبقاء بلاده عليه، فقدما دمشق وبها الكامل، فخرج لتلقيهما إلى القابون، وأقبل على الناصر، ثم سافر الناصر إلى الكرك ومعه رسول الخليفة، فألبسه الخِلْعة بالكَرَك، وركب بالأعلام الخليفتِيّة وزِيد في ألقابه: " الولي المهاجر ".

ثم وقع بين الكامل والأشرف، وطلب كلٌّ منهما من النّاصر أن يكون معه، فرجح جانب الكامل، وجاءه من الكامل فِي الرّسْليّة القاضي الأشرف ابن الفاضل. ثم سار النّاصر إلى الكامل، فبالغ الكامل فِي تعظيمه وأعطاه الأموال والتُّحف.

ثم اتفق موتُ الملك الأشرف وموت الكامل، وكان النّاصر بدمشق في دار أُسامة، فتشوف إلى السلطنة، ولم يكن حينئذٍ أحد أمْيزَ منه، ولو بذل المال لحلفوا له. ثم سلطنوا الملك الجوادَ، فخرج النّاصر عن البلد إلى القابون، ثم سار إلى عجلون وندِم، فجمع وحشد ونزل على السواحل فاستولى عليها. فخرج الجواد بالعساكر، فوقع المَصَافُّ بين نابلس وجينين، فانكسر النّاصر واحتوى الجواد على خزائنه وأمواله، وكان ثقَلُ النّاصر على سبعمائة جملٍ، فافتقر ولجأ إلى الكرك، ونزل الجواد على نابلس، وأخذ ما فيها للناصر.

وقد طول شيخُنا قطْبُ الدين ترجمة النّاصر وجودها (١)، وهذا مختارٌ منها.

ولما مَلَك الصالح نجمُ الدين أيوب دمشقَ وسار لقصد الديار المصرية جاء عمه الصالح إِسْمَاعِيل وهجم على دمشق فتملكها. فتسحب جيش نجم الدين عَنْهُ، وبقي بنابلس فِي عسكرٍ قليل، فنفذ النّاصر من الكَرَك عسكرًا قبضوا على نجم الدين وأطْلعوه إلى الكَرَك، فبقي معتَقَلًا عنده فِي كرامة. وكان الكامل قد سلَّم القدس إلى الفرنج، فعمّروا في غربيّه قلعة عند موت الكامل واضطراب الأمور واختلاف الملوك، فنزل النّاصر من الكَرَك وحاصرها، ونصب عليها المجانيق فأخذها بالأمان وهدمها، وتملك القدس، وطرد من به من الفرنج إلى بلادهم، فعمل جمال الدّين ابن مطروح:


(١) في ذيل مرآة الزمان ١/ ١٢٦ فما بعد.