للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتقبلُ مني عبدَ رقٍّ فيغتدي … له الدهر عبدًا طائعًا لا يغالبُهْ

وتُنعم فِي حقي بما أنت أهلُهُ … وتُعْلي محلي فالسُّها لا يقاربُهْ

وتُلبسني من نسْج ظِلّك حلة … يُِشرِّف قدرَ النَّيِّرَيْن جلائبُهْ

وتُركبني نُعمى أياديك مركبًا … على الفَلَكِ الأعلى تسير مراكبهْ

وتسمحُ لي بالمال، والجاهُ بُغْيتي … وما الجاهُ إلا بعضُ ما أنتَ واهبُهْ

ويأتيك غيري من بلادٍ قريبةٍ … له الأمنُ فيها صاحبٌ لا يجانبُهْ

فيلقى دُنُوّاً منك لم ألق مثلهُ … ويحظى ولا أحظى بما أَنَا طالبُهْ

وينظر من لألاءِ قُدْسك نظرةً … فيرجع والنّورُ الإماميُّ صاحبُهْ

ولو كان يعلوني بنفسٍ ورُتبةٍ … وصدقِ وَلاءٍ لستُ فِيهِ أصاقبُهْ

لكُنْتُ أُسلِّي النَّفس عما ترومُهُ … وكنتُ أذودُ العيْن عما تراقبهْ

ولكنّه مثلي ولو قلت: إنني … أزيدُ عليه لم يعبْ ذاك عائبُهْ

وما أَنَا ممّن يملأ المالُ عينَهُ … ولا بِسوى التّقريب تُقضَى مآربُهْ

ولا بالّذي يرضيه دون نظيرهِ … ولو أنعلت بالنَّيِّرات مراكبُهْ

وبي ظمأٌ رُؤياك منْهلُ رّيهِ … ولا غرو أن تصفو لي مشاربُهْ

ومن عجبٍ أني لدى البحر واقفٌ … وأشكو الظَّمأ، والبحر جمٌّ عجائبُهْ

وغيرُ ملُومٍ مَن يؤمُّك قاصدًا … إذا عَظُمتْ أغراضُه ومذاهبُهْ

فوقعت هذه القصيدة من المستنصر بموقع، وأدخله عليه ليلًا، وتكلَّم معه في أشياء من العلوم والأدب، ثم خرج سرًّا. وقصد المستنصر بذلك رعاية الملك الكامل.

ثم حضر النّاصر بالمدرسة المستنصرية، وبحث واعترض واستدل، والخليفة فِي رَوْشن بحيث يسمع، وقام يومئذٍ الوجيه القيرواني ومدح الخليفة فمن ذلك:

لو كنت فِي يوم السقيفة حاضرًا … كنت المقدَّم والإمام الأورعا

فقال النّاصر: أخطأت، قد كان حاضرًا الْعَبَّاس جدُّ أمير المؤمنين، ولم يكن المقدَّم إلا أَبُو بَكْر، ، فخرج الأمر بنفْي الوجيه، فذهب إلى مصر، ووُلّي بها تدريس مدرسة ابن شكَّر. ثمَّ إنّ الخليفة خلع على النّاصر