قال الشيخ تاج الدين في تاريخه: وعمل ابن تيمية بالسكرية درساً حسناً، وكان يوماً مشهوداً.
قال: وقدم الركب وكان السعر رخيصاً، قال: حدثني نجم الدين ابن أبي الطيب أنه اشترى غرارة شعير بعرفات بخمسة وثلاثين درهماً.
وفيها درس بمقصورة الحنفية جلال الدين ولد القاضي حسام الدين بمعلومٍ على المصالح.
وفيها عزل الدويداري من الشد بالأعسر وقتل.
[سنة أربع وثمانين وستمائة]
في أولها خرج الملك المنصور إلى الشام، ثم قصد حصار المرقب في صفر، وتقدمت المجانيق، ونازل الحصن في عاشر صفر، فلما انتهت ستارة المنجنيق المقابل لباب الحصن سقطت إلى بركةٍ كبيرة كان عليها جماعة من أصحاب علم الدين الدواداري، منهم أستاذ داره سنقر، فاستشهدوا، ثم طلب الإسبتار الصلح، فلم يجبهم السلطان ورماهم بالمنجنيق، وهدم بعض الأبرجة، واستمر الحصار إلى سادس عشر ربيع الأول، فزحف الجيش على المرقب، فأذعنوا بتسليمه وراسلوا بذلك، فأُجيبوا، ثم رفعت عليه أعلام السلطان يوم الجمعة ثامن عشر الشهر، وجهز السلطان معهم من وصلهم إلى أنطرطوس، وكانت مرقية بالقرب من المرقب على البحر، وكان صاحبها قد بنى على البحر برجاً عظيماً لا يناله النشاب، فاتفق حضور رسل صاحب طرابلس يطلب رضى السلطان، فاقترح عليه خراب البرج المذكور وإحضار من أسره من الجبليين الذين كانوا مع صاحب جبيل، فأحضر من كان حياً منهم، واعتذر عن البرج بأنه ليس له، فلم يقبل عذره، فقيل: إنه اشتراه من صاحبه بمالٍ وعدة قرى وهدمه وحصل للاستيلاء على المرقب ومرقية وبانياس، وعمّروا ما تشعّث من المرقب، وكان لبيت الإسبتار ولم يتهيأ للسلطان صلاح الدين فتحه، وممن شهد فتحه القاضي نجم الدين ابن الشيخ، وأخوه العز، وشيخنا العز ابن العماد، وشمس الدين ابن الكمال، وابنه، وشمس الدين ابن حمزة، وبلغني أن صلاح الدين وقف عليهم جمّاعيل على أن يشهدوا الغزاة مع المسلمين، فلهذا يخرجون في مثل هذه الغزوات.
وفي ثالث جمادى الأولى قدم السلطان دمشق وزين البلد.