وفيها صار يحيى بن عبد الله بن حسن العلوي إلى بلاد الديلم، ثم تحرك هناك، وقويت شوكته، وطلب الخلافة، وأسرع إليه الشيعة من الأمصار، فاغتم لذلك الرشيد وأبلس، واشتغل عن الشرب واللهو، وندب لحربه الفضل بن يحيى البرمكي في خمسين ألفا من الخراسانية وغيرهم، وفرق فيهم الذهب العظيم، فانحلت عزائم يحيى المذكور، وطلب الصلح والأمان، فسر بذلك الرشيد، وكتب له أمانا، وأشهد عليه الكبار، ونفذه مع تحف وهدايا ومال جليل، ففرح يحيى واطمأن، ووفد على الرشيد، فبالغ في إكرامه وعطاياه، ثم إنه بعد سجنه، فاعتل، فقيل: سقي السم، ولم يصح، ويقال: حبسه مرة بعد أخرى، ويطلقه، وقيل: إن الذي وصل إلى يحيى بن عبد الله من الرشيد أربع مائة ألف دينار.
وقد كان عبد الله بن مصعب الزبيري افترى عليه لبغضه للطالبية، وزعم أنه طلب إليه أن يخرج معه، فباهله يحيى بحضرة الرشيد وقام، فمات الزبيري ليومه، وكان يحيى طلب مباهلته، وشبك يده في يده، وقال: قل: اللهم إن كنت تعلم أن يحيى بن عبد الله بن حسن لم يدعني إلى الخلاف والخروج على أمير المؤمنين هذا، فكلني إلى حولي وقوتي واسختني بعذاب من عندك، آمين رب العالمين، قال: فتلجلج الزبيري وقالها، ولما قال يحيى مثله ما تلجلج.
وفيها هاجت العصبية بالشام بين القيسية واليمانية، وكان كبير النزارية يومئذ الأمير أبو الهيذام المري، وقتل منهم عدد كثير، وكان على إمرة الشام موسى ابن ولي العهد عيسى بن موسى، فاستعمل الرشيد على الشام موسى بن يحيى البرمكي، فقدم وأصلح بينهم.
وفيها عزل الرشيد عن خراسان العباس بن جعفر، وأمر عليها خاله الغطريف بن عطاء، وأمر على ديار مصر جعفر بن يحيى البرمكي.
[سنة ست وسبعين ومائة]
فيها مات: أبو وكيع الجراح بن مليح الرؤاسي، والقاضي سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وصالح المري بخلف، وصالح ابن الخليفة المنصور، وعبد الواحد بن زياد البصري، وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله.
وفيها هاج الحرب بالشام بين اليمانية والقيسية، واشتد الخطب، ونشأت