وكان يسمى راهب الكوفة، فلما تولى القضاء قال: خذلت على كبر السن، مع عفته وصيانته.
قال سيامرد النهاوندي: كتبت عن ألف شيخ، الحجة فيما بيني وبين الله شيخان: أحمد بن بديل؛ وسمى رجلاً آخر.
ونقل شيرويه في تاريخه أن أبا بكر بن لال قال: حكي لنا أن أحمد بن بديل الإيامي كانت له بنت عابدة بالكوفة، فكتبت إليه: يا أبة لا حشرك الله محشر القضاة، فعزل نفسه، وخرج في أمانة لابن هارون، فقيل له: اخترت الأمانة على القضاء؟ فقال: نعم، اخترت الأمانة على الخيانة.
قال الحافظ صالح بن أحمد الهمذاني: حدثنا إبراهيم بن عمروس إملاء، قال: سمعت أحمد بن بديل قال: بعث إلي المعتز بالله رسولاً بعد رسول، فلبست كمتي، ولبست نعل طاق، فأتيت بابه، فقال الحاجب: يا شيخ، نعليك، فلم ألتفت إليه، ودخلت الباب الثاني، فقال الحاجب: نعليك، فلم ألتفت، ودخلت إلى الباب الثالث، فقال: يا شيخ نعليك، فقلت: أبالوادي المقدس أنا فأخلع نعلي؟! فدخلت بنعلي، فرفع مجلسي وجلست على مصلاه، فقال: أتعبناك أبا جعفر، فقلت: أتعبتني وذعرتني، فكيف بك إذا سئلت عني؟ فقال: ما أردنا إلا الخير، أردنا أن نسمع العلم، فقلت: وتسمع العلم أيضاً؟ ألا جئتني؟ فإن العلم يؤتى ولا يأتي، قال: نعتب أبا جعفر؟ فقلت له: خلبتني بحسن أدبك، اكتب، قال: فأخذ القرطاس والدواة، فقلت: أتكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرطاس بمداد؟ قال: فيما يكتب؟ قلت: في رق بحبر، فجاؤوا برق وحبر، فأخذ الكاتب يريد أن يكتب فقلت: اكتب بخطك، فأومأ إلي أنه لا يكتب، فأمليت عليه حديثين أسخن الله بهما عينيه، فسأله ابن البناء أو ابن النعمان: أي حديثين؟ فقال حديث: من استرعي رعية فلم يحطها بالنصيحة حرم الله عليه الجنة، والثاني: ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولاً.