فتشفع فيه، فعفا عنه النظام، فاستأذن في مديح، فأذن له فقام، وقال قصيدته التي أولها:
بعزة أمرك دار الفلك … حنانيك فالخلق والأمر لك!
فقال النظام: كذبت، ذاك هو الله تعالى.
وتمم القصيدة، ثم خرج إلى كرمان وسكنها، ومدح بها، وهجا على جاري طبيعته. وحدث هناك عن: أبي جعفر ابن المسلمة. سمع منه: محمد بن عبد الواحد الدقاق، ومحمد بن إبراهيم الصيقلي في آخر سنة ثمان وتسعين.
وروى عنه: القاضي أحمد بن محمد الأرجاني الشاعر حديثا عن مالك البانياسي.
قال ابن النجار: فأخبرنا محمد بن معمر القرشي كتابة أن أبا غالب محمد بن إبراهيم أخبره قال: أخبرنا أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح العباسي الشاعر بكرمان، قال: أخبرنا ابن المسلمة سنة ستين وأربعمائة، قال: أخبرنا أبو الفضل الزهري، قال: أخبرنا الفريابي، قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج، قال: حدثنا عبد الوارث، قال: حدثنا محمد بن جحادة - فذكر حديثا.
وقد روى عنه من شعره: عمر بن عبد الله الحربي، وأبو الفتح محمد بن علي النطنزي، وأحمد بن محمد بن حفص الكاتب، وآخرون.
ومن غرر قصائده قوله:
يا صاحبي هات المدامة هاتها … فصبيحة النيروز من أوقاتها
كرمية، كرمية، ذهبية … لهبية، بكرا تقوم بذاتها
رقت وراقت في الزجاج فخلتها … جادت بها العشاق من عبراتها
من كف هيفاء القوام كأنما … عصرت سلاف الخمر من وجناتها
السحر في ألحاظها، والغنج في … ألفاظها، والدل في حركاتها
أوما ترى فصل الربيع وطيبه … قد نبه الأرواح من رقداتها
والطير تصدح في الغصون كأنما … مدحت نظام الملك في نغماتها
فانهض بنا وانشط لنأخذ فرصة … من لذة الأيام قبل فواتها
يا صاحبي سري فلا أخفيكما … ما أطيب الدنيا على علاتها