في المحرّم ارتفع عن الناس ببغداد الغلاء، وخرج أهل القرى.
وغزا نور الدين محمود بن زنكي فكسر الفرنج، وقتل صاحب أنطاكية، وكانت وقعة عظيمة، قُتل فيها ألف وخمسمائة من الفرنج، وأُسر مثلهم، وذلّ دين الصليب، ثم افتتح نور الدين حصن فامية، وكان على أهل حماة وحمص منه غاية الضرر.
وكان جوسلين، لعنه الله، قد ألهب الخلق بالأذية والغارات، وهو صاحب تل باشر، وعزاز، وعينتاب، والراوندان، وبهَسْنا والبيرة، ومرعش، وغير ذلك، فسار لحربه سلحدار نور الدين، فأسره جوسلين، فدسّ نور الدين جماعة من التركمان وقال: من جاءني بجوسلين أعطيته مهما طلب، فنزلوا بأرض عينتاب، فأغار عليهم جوسلين، وأخذ امرأة مليحة فأعجبته، وخلا بها تحت شجرة، فكمن له التركمان وأخذوه أسيرًا، وأحضروه إلى نور الدين، فأعطى الذي أسره عشرة آلاف دينار، وكان أسرُه فتحًا عظيمًا، واستولى نور الدين على أكثر بلاده.
وفي ربيع الآخر استوزر الخليفة أبا المظفر بن هُبيرة، ولقبه: عون الدين.
وفي رجب جمع ألبُقُش وقصد العراق، وانضم إليه ملكشاه ابن السلطان محمود، وعلي بن دُبيس، وطرنطاي، وخلق من التركمان، فلما صاروا على بريد من بغداد، بعثوا يطلبون أن يسلطن ملكشاه، فلم يجبهم الخليفة، وجمع العسكر وتهيأ وبعث البريد إلى السلطان مسعود يستحثه، فلم يتحرك، فبعث إليه عمه سنجر يقول له: قد أخربت البلاد في هوى ابن البلنكري، فنفّذه هو، والوزير، والجاولي، وإلا ما يكون جوابك غيري، فلم يلتفت لسنجر، فأقبل سنجر حتى نزل الريّ، فعلم مسعود، فسار إليه جريدةً، فترضّاه وعاد، ثم قدم بغداد في ذي الحجة واطمأن الناس.
وفيها حجّ بالعراقيين نظر الخادم، فمرض من الكوفة فردّ، واستعمل مكانه قَيماز الأرجواني، ومات نظر بعد أيام.
وفي ذي الحجة جاءت زلزلة عظيمة، وماجت بغداد نحو عشر مرات،