صبر على محاصرته سبع سنين، واشتد الغلاء، فخرج منها وقصد بغداد طالباً للإنجاد.
وللشهاب محمود أبقاه الله:
علينا لمن أولاك نِعمتَه الشُّكْرُ … لأنّك للإسلام يا سيفَه ذخر
ومِنّا لك الإخلاص فِي صالح الدُّعا … إلى من لَهُ فِي أمر نُصْرتك الأمرُ
ألا هكذا يا وارث الملك فليكن … جهاد العدى لا ما تولى بِهِ الدَّهرُ
فإنْ يكُ قد فاتَتْك بدْرٌ، فهذه … بما أنزل الرحمن من نصره بدرُ
نَهضْتَ إلى عَلْيا طرابُلُس التي … أقَلّ عناها أنَّ خَنْدَقَها بحرُ
وقد ضمّها كالطَّوْق إلّا بقيّة … كنحر وأنت السّيفُ لاح لَهُ نحرُ
مُمَنَّعَةٌ بِكْرٌ، وهل فِي جميع ما … تَمّلكْتَهُ إلّا مُمَنَّعَةٌ بِكْرُ؟
ومن دون سورَيها عُقاب منيعة … يزلّ إذا ما رام أوطاءها الذر
وما برحت ثغرا ولكن عدا العدى … عليها بحُكم الدَّهر فانثغر الثغرُ
وكانت بدار العلم تُعرفُ قبل ذا … فمن أجل ذا للسّيف فِي نظْمها نَثْرُ
وكم مَرّ من دهْرٍ وما مسّها أذًى … وكم راح من عصرٍ وما راعها حصْرُ
ففاجأتها بالجيش كالموج فانثنَتْ … تميدُ وقد أربى عَلَى بحرها البرُ
فظلت لدى بَحْرَيْن أنكاهما لها … وأقتله العذب الذي جره مصر
منها:
كأنّ المجانيق التي أوترت ضُحى … عليها لها فِي شُمّ أبراجها وَترُ
أصابعُها تُومِي إليهم ليسجدوا … فتقبّل منها دون سكّانها الْجُدُرُ
ويُمطرها من كلّ قَطْر حجارةً … لقد خاب قومٌ جادَهُم ذَلِكَ القَطْرُ
تخلَّقَ وجْهُ السُّور منهم كأنّما … غَدَت وعليها فِي الّذي فَعَلْتَ نذرُ
منها:
وأطلقتَ فيها طائر السَّيفِ فاغْتَدَى … وليس لَهُ إلا رؤوسهم وَكْرُ
ولاذُوا بباب البحر منك فما نجا … إلَيْهِ سوى مَن جرّه من دمٍ نهرُ
ولم ينج إلّا من يخبّر قومه … ليدروا وإلا من تغمَّده الأسرُ
فللَّه كم بيضٍ وسُمْرٍ كواعب … عَلَى رغمهم قد حازت البيض والسمر