سبعة عشر نفْساً، فاتّفق أن أبي كان أحدهم، فحدّثني أنّهم ساقوا مع الخليفة، وأنزلوا من بقي عن خيْلهم، وضربوا رقابهم. ووقع السّيف في بغداد، فعمل القتْلُ أربعين يوماً. وأنزلوا الخليفة في خيمةٍ صغيرة، والسّبعة عشر في خيمة. قال أبي: فكان الخليفة يجيء إلى عندنا كلّ ليلة ويقول: ادعوا لي. قال: فاتّفق أنّه نزل علي خيمته طائرٌ، فطلبه هولاوو وقال: أيش عملُ هذا الطّائر؟ وأيْش قال لك؟
ثمّ جرت له محاوراتٌ معه ومع ابن الخليفة أبي بكر. ثمّ أمر بهما فأُخرجا، ورفسوهما حتّى ماتا، وأطلقوا السَّبعة عشر، وأعطوهم نشّابة، فقُتل منهم رجلان وطلب الباقون بيوتهم فوجدوها بلاقع. فأتوا المدرسة المُغيثيَّة، وقد كنت ظهرتُ فبقيتُ أسأل عن أبي، فدُللت عليه، فأتيتُه وهو ورفاقه، فسلّمت عليهم، فلم يعرفني أحدٌ منهم، وقالوا: ما تريد؟ قلت: أريد فخْر الدّين ابن رطلين. وقد عرفته، فالتفت إلي وقال: ما تريد منه؟ قلت: أنا ولده. فنظر إلي وتحقَّقني، فلمّا عرفني بكى، وكان معي قليل سمْسِم فتركته بينهم. وأقمنا هناك إلى صفَر، إلى أن رُفع السّيف، فأتيا دار فخر الدّين أحمد ابن الدّامغاني صاحب الدّيوان، وقد أراد ابن العلْقمي أن يضرّه فنفعه، فقال لهولاكو: هذا يعرف أموال الخليفة وذخائره وأموره، وهذا كان يتولاّها. فقال: إذا كان الخليفة اختاره لنفسه فأنا أوْلى أن أولّيه. وكتب له الفرمان، وقال للوزير: ل تفعل شيئاً إلا بموافقته. ثمّ إنّ ابن العلقمي عمل على أن لا يخطب بالجوامع، ولا تصلّى الجماعة، وأن يبني مدرسةً على مذهب الشّيعة فلم يحصل له أملُه، وفُتحت الجوامع، وأقيمت الجماعات. وحدّثني أبي فخر الدّين قال: كان قد مشى حال الخليفة بأن يكون للتّتار نصف دخْل البلاد، وما بقي شيء أن يتمّ ذلك، وإنّما الوزير ابن العلْقمي، قال: ما هذا مصلحة، والمصلحة قتْله، وإلاّ ما يتمّ لكم ملْك العراق.
قلت: توفّي الخليفة في أواخر المحرَّم أو في صفر، وما أظنّه دفن، فإنا لله وإنّا إليه راجعون. وكان الأمر أعظم من أن يوجد مؤرّخٌ لموته، أو مُوارٍ لجسده. وراح تحت السّيف أممٌ لا يحصيهم أحد إلاّ الله، فيقال: إنّهم أكثر من ألف ألف، واستغْنت التّتار إلى الأبد، وسبوا من النّساء والولدان ما ضاق به الفضاء. وقد بيّنا ذلك في الحوادث. وقتلوا الخليفة خنْقاً، وقيل: غمّوه في