للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صورته وخلقه، سادّا ما بين الأفق. أخرجه البخاريّ (١) عن محمد بن عبد الله بن أبي الثّلج، عن الأنصاريّ.

قلت: قد اختلف الصّحابة في رؤية محمد ربّه، فأنكرتها عائشة، وأمّا الروايات عن ابن مسعود، فإنّما فيها تفسير ما في النّجم، وليس في قوله ما يدلّ على نفي الرّؤية لله. وذكرها في الصحيح وغيره.

قال يونس (٢)، عن ابن شهاب، عن أنس قال: كان أبو ذرّ يحدّث أنّ رسول الله قال: فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج صدري، ثم غسّله من ماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا، ثمّ أفرغها (٣) في صدري، ثمّ أطبقه، ثمّ أخذ بيدي فعرج بي إلى السّماء الدنيا، فقال لخازنها: افتح، قال: من هذا؟ قال: جبريل، قال: هل معك أحد؟ قال: نعم محمد، قال: أرسل إليه؟ قال: نعم، ففتح، فلمّا علونا السّماء الدنيا، إذا رجل عن يمينه أسودة، وعن يساره أسودة، فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، فقال: مرحبا بالنّبيّ الصّالح، والابن الصّالح، قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: آدم ، وهذه الأسودة نسم بنيه، فأهل اليمين أهل الجنّة، والتي عن شماله أهل النّار، ثمّ عرج بي جبريل حتى أتى السّماء الثانية، فقال لخازنها: افتح، فقال له خازنها مثل ما قال خازن السماء الدنيا، ففتح.

قال أنس: فذكر أنّه وجد في السّماوات: آدم، وإدريس، وعيسى، وموسى، وإبراهيم، ولم يثبت - يعني أبا ذرّ - كيف منازلهم، غير أنّه ذكر أنّه وجد آدم في السماء الدنيا، وإبراهيم في السادسة، فلمّا مرّ جبريل ورسول الله بإدريس، قال: مرحبا بالنّبيّ الصالح والأخ الصّالح، قال: ثمّ مرّ، قلت: من هذا؟ قال: إدريس، قال: ثمّ مررت بموسى فقال: مرحبا بالنّبيّ الصّالح، والأخ الصّالح: قلت: من هذا؟ قال: موسى، ثم مررت


(١) البخاري ٤/ ١٤٠.
(٢) دلائل النبوة ٢/ ٣٧٩ - ٣٨٢.
(٣) كتب المؤلف على هامش الأصل: "فأقَرَّه" دلالة على أنها كذلك في رواية آخرى.