يجله ويعظمه. فحدث بعض الإشبيليين أنه رأى معاذاً يوم دخل يوسف بن تاشفين، وعليه ثوب ديباج مذهب، وبين يديه نحو ثلاثين غلاماً، وأنه رآه في آخر النهار وهو مكتّف في تلّيس.
ذكر هذه الحكاية بطولها عزيز في تاريخه، فإن صحت فهي تدل على لؤم المعتضد وعسفه وكفر نفسه. وقد لقّاه الله في عاقبته.
وحكى عبد الواحد بن علي في تاريخه أن المعتضد كان شهماً شجاعاً داهية. فقيل: إنه ادعى أنه وقع إليه هشام المؤيد بالله ابن المستنصر الأموي، فخطب له مدة بالخلافة، وكان الحامل له على تدبير هذه الحيلة ما رآه من اضطراب أهل إشبيلية عليه، لأنهم أنفوا من بقائهم بلا خليفة، وبلغه أنهم يطلبون أموياً ليقيموه في الخلافة، فأخبرهم بأن المؤيد بالله عنده بالقصر، وشهد له جماعة من حشمه بذلك، وأنه كالحاجب له. وأمر بذكره على المنابر، فاستمر ذلك سنين إلى أن نعاه إلى الناس في سنة خمس وخمسين وأربعمائة. وزعم أنه عهد إليه بالخلافة على الأندلس.
وهذا محال. وهشام هلك من سنة ثلاث وأربعمائة، ولو كان بقي إلى الساعة لكان يكون ابن مائة سنة وسنة.
١٠٤ - عبد الله بن محمد بن علي بن أحمد بن جعفر، القاضي أبو محمد بن أبي الرجاء الأصبهاني الكوسج، مفتي البلد.
وكان من الأشعرية الغلاة. سمع أبا عبد الله بن منده، وعم أبيه الحسين، وعدة. مات في ربيع الأول؛ قاله يحيى بن منده.
١٠٥ - عبد الرحمن بن سوار بن أحمد بن سوار، أبو المطرف القرطبي الفقيه، قاضي الجماعة.
روى عن أبي القاسم بن دينال، وحاتم بن محمد. استقضاه المعتمد على الله بقرطبة بعد ابن منظور في جمادى الآخرة من هذه السنة، وتوفي بعد أشهر في ذي القعدة، وله اثنان وخمسون عاماً.
وكان من أهل النباهة والذكاء. لم يأخذ على القضاء أجراً.