للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحناجر، وقد ودعت أباك ومخدومي وداعًا لا تلاقي بعده، وقبلت وجهه عني وعنك، وأسلمته إلى اللَّه تعالى، مغلوب الحيلة، ضعيف القوة، راضيًا عن اللَّه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وبالباب من الجنود المجندة، والأسلحة المعمدة، ما لم يدفع البلاء ولا ما يرد القضاء، تدمع العين، ويخشع القلب، ولا نقول إلا ما يُرضي الرب، وإنا بك يا يوسف لمحزونون، وأمّا الوصايا فما تحتاج إليها، والآراء فقد شغلني المُصاب عنها، وأما لائح الأمر فإنه إن وقع اتفاقٌ فما عدمتم إلا شخصه الكريم، وإن كان غيره فالمصائب المستقبلة أهونها موته، وهو الهولُ العظيم؟ وقد كتب إلى صلاح الدّين ابن التعاويذيّ (١) هذه القصيدة يمتدحه (٢):

إنْ كَانَ دينك فِي الصَّبابة ديني … فقِفِ المطيَّ برملَتيْ يبرينِ

وألثم ثَرًى لو شارفتْ به هُضْبهُ … أيدي المطي لثمته بجفوني

وأنشد فؤادي فِي الظباء معرضًا … فبغير غزْلان الصريم جنوني

ونشيدتي بَيْنَ الخيام، وإنما … غالطتُ عَنْهَا بالظباءِ العينِ

للَّهِ ما اشتملتْ عليهِ قبابُهم … يوم النَّوَى من لؤلؤٍ مكنونِ

مِنْ كُلّ تائهةٍ عَلَى أترابها … فِي الحُسْن غانية عَنِ التّحسين

خودٍ تَرى قمرَ السماء إذا بدت … ما بَيْنَ سالفةٍ لها وجبين

يا سَلمَ إنْ ضاعت عهودي عندكم … فأنا الَّذِي استودعتُ غيرَ أمين

هيهات ما للبِيض فِي ودّ امرِئٍ … أربٌ وَقَدْ أربى عَلَى الخمسين

ليت الضنين عَلَى المحب بوصلهِ … لقن السماحة من صلاح الدّين

ولعلَم الدّين حَسن الشاتانيّ فِيهِ قصيدةٌ مطلعها:

أرى النصرَ مقرونًا برايتك الصَّفرا … فسِرْ واملكِ الدُّنْيَا فأنْت بها أَحْرَى

وللمهذب عمر بن محمد ابن الشِّحْنة الْمَوْصِلِيّ قصيدةٌ فِيهِ مطلعها:

سلامُ مشوقٍ قَدْ براه التشوُّقُ … عَلَى جيرة الحي الَّذِين تفرقوا

منها:


(١) يريد: سبط ابن التعاويذي، ولم يكن الرجل ابنًا للتعاويذي، وهذه من عادات المصنف ، ومثله قوله: "أبو المظفر ابن الجوزي" ويريد: سبط ابن الجوزي.
(٢) ديوانه ٤٢٠ - ٤٢٤، وقد بعثها إليه حين كان بدمشق سنة ٥٧٥.