قال يحيى بن أبي زائدة، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عبّاس قال: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح. فنزلت {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا} قالوا: نحن لم نؤت من العلم إلاّ قليلا؟ وقد أوتينا التّوارة فيها حكم الله، ومن أوتي التّوارة فقد أوتي خيرا كثيرا، قال: فنزلت {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} الآية. وهذا إسناد صحيح.
وقال يونس، عن ابن إسحاق، حدّثني رجل من أهل مكة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس أنّ مشركي قريش، بعثوا النّضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة، وقالوا لهم: سلوهم عن محمد، وصفوا لهم صفته، وأخبروهم بقوله، فإنّهم أهل الكتاب الأوّل، وعندهم علم ما ليس عندنا، فقدما المدينة، فسألوا أحبار اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصفوا لهم أمره ببعض قوله، فقالت لهم أحبار اليهود: سلوه عن ثلاث نأمركم بهنّ، فإن أخبركم بهنّ فهو نبيّ مرسل؛ سلوه عن فتية ذهبوا في الدّهر الأول، ما كان من أمرهم، فإنّه كان لهم حديث عجب. وسلوه عن رجل طوّاف بلغ مشارق الأرض ومغاربها وما كان نبؤه. وسلوه عن الرّوح ما هو، فقدما مكة فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور، فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أخبرنا، وسألوه، فقال: أخبركم غدا، ولم يستثن، فانصرفوا عنه، فمكث خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا، ولم يأته جبريل، حتى أرجف أهل مكة، وقالوا: وعدنا غدا واليوم خمس عشر، وأحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي، ثم جاءه جبريل بسورة أصحاب