ثم إن قريشا قالوا: إن ثأرنا بأرض الحبشة. فانتدب إليها عمرو بن العاص، وابن أبي ربيعة.
قال الزهري: بلغني أن مخرجهما كان بعد وقعة بدر.
فلما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - مخرجهما، بعث عمرو بن أمية الضمري بكتابه إلى النجاشي.
وقال سعيد بن المسيب وغيره: فبعث الكفار مع عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة للنجاشي، ولعظماء الحبشة هدايا. فلما قدما على النجاشي قبل الهدايا، وأجلس عمرو بن العاص على سريره. فكلم النجاشي فقال: إن بأرضكم رجالا منا ليسوا على دينك ولا على ديننا، فادفعهم إلينا. فقال عظماء الحبشة للنجاشي: صدق، فادفعهم إليه. فقال: حتى أكلمهم.
قال الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم سلمة، قالت: نزلنا الحبشة، فجاورنا بها خير جار، النجاشي. أمنا على ديننا وعبدنا الله عز وجل، لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه. فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي مع رجلين بما يستطرف من مكة. وكان من أعجب ما يأتيه منها: الأدم. فجمعوا له أدما كثيرا. ولم يتركوا بطريقا عنده إلا أهدوا له. وبعثوا عبد الله بن أبي ربيعة، وعمرو بن العاص وقالوا: ادفعا إلى كل بطريق هديته قب أن تكلما النجاشي. فقدما، وقالا لكل بطريق: إنه قد ضوى إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء، خالفوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينكم. وقد بعثنا أشرافنا إلى الملك ليردهم، فإذا كلمناه فأشيروا عليه أن يسلمهم إلينا. فقالوا: نعم.