للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"توفي في إمرة الحجاج" (١)، و"توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز" (٢) ونحو ذلك. وينطبق هذا الذي قلناه من عدم تقييد الوفيات، إلا في القلة، على جميعِ المدة الواقعة في القرون الثلاثة الأولى من تاريخ الذهبيِّ ابتداء من سنة ٤١ هـ.

من ثم نلاحظ بعد كل ذلك تباينًا كبيرًا جدًّا بين كبار المؤرخين الذين نقل الذهبيُّ عنهم تواريخَ الوفيات في ضبطها وتحديدها، لا سيما في غير المشهورين، فإذا ما قدمنا أمثلة لاختلاف هؤلاء المؤرخين في المشهورين جدًّا عرفنا مدى التباين الكبير في غيرهم، فهذا أبو موسى الأشعري وتلك شهرته اختلفت مواردُ الذهبيِّ اختلافًا بينًا في تاريخ وفاته، فذكر الهيثم بن عدي أنه توفي سنة ٤٢ هـ، ووافقه ابن مندة، وقال أبو نعيم الأصبهاني ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبو بكر بن أبي شيبة وقعنب التميمي: توفي سنة ٤٤ هـ، أما الواقدي فذكر أن وفاته سنة ٥٢ هـ، وجعلها المدائني سنة ٥٣ هـ (٣). وهذا سعيد بن المسيب عالم أهل المدينة بلا مدافعة تختلفُ جُلُّ موارد الذهبي في وفاته، فيذكر الهيثم بن عدي وسعيد بن عفير ومحمد بن عبد الله بن نمير أن وفاته سنة ٩٤ هـ، ويذكر أبو نعيم الأصبهاني وعلي بن المديني أنها سنة ٩٣ هـ، ويقول يحيى القطان: إنها سنة ٩١ هـ أو سنة ٩٢ هـ، وينقل الذهبي عن محمد بن سواء عن همام عن قتادة أنه توفي سنة ٨٩ هـ ثم ينقل عن أبي عبد الله الحاكم النيسابوري قوله: "فأما أئمة الحديث فأكثرُهم على أنه توفي سنة خمس ومئة" (٤). وهذا عروة بن الزبير بن العوام الإمام الفقيه المشهور نقل الذهبيُّ عن أبي نعيم وابن المديني وخليفة: أنه مات سنة ٩٣ هـ، ونقل عن الهيثم بن عدي والواقدي وَأبي حفص الفلاس: أنه توفي سنة ٩٤ هـ، ونقل عن يحيى بن بكير: أنه توفي سنة ٩٥ هـ (٥). ومثل هذه الأمثلة كثيرة جدًّا، بل هي الصفة الغالبة على "تاريخ الإسلام" في هذه الحقبة، فكيف يستطيع الذهبيُّ بعد


(١) ٢/ ١١٥٩.
(٢) ٢/ ١٠٨٤.
(٣) ٢/ ٤٥٤.
(٤) ٢/ ١١٠٧.
(٥) ٢/ ١١٤٢ وانظر بعض الأمثلة في الحقب التالية الورقة ١٢١ هـ ١٩١ (أيا صوفيا ٣٠٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>