وما أم خشف خلفته وبكرت … لتكسبه طعما وعادت إلى العش
غدت ترتعي ثم انثنت لرضاعه … فلم تلق شيئا من قوائمه الحمش
فطافت بذاك القاع ولها فصادفت … سباع الفلا نهشته أيما نهش
بأوجع مني يوم ظلت أنامل … تودعني بالدر من شبك النقش
وأجمالهم تحدى وقد لوح النوى … كأن مطاياهم على ناظري تمشي
وأعجب ما في الأمر أن عشت بعدهم … على أنهم ما خلفوا في من بطش
قال مهيار الديلمي: لما وزر أبو القاسم ابن المغربي ببغداد تعظم وتكبر ورهبه الناس، وانقبضت عن لقائه، ثم خفت فعملت فيه قصيدتي البائية، فدخلت فأنشدته، فرفع طرفه إلي وقال: اجلس أيها الشيخ. فلما بلغت إلى قولي:
جاء بك الله على فترة … بآية من يرها يعجب
لم تألف الأبصار من قبلها … أن تطلع الشمس من المغرب
فقال: أحسنت يا سيدي، وأعطاني مائتي دينار.
قلت: وكان جدهم يلقب بالمغربي لكونه كان كاتبا على ديوان المغرب، وأصله بصري.
قصد أبو القاسم فخر الملك أبا غالب، وتوصل إلى أن وزر سنة أربع عشرة. وكان بليغا مفوها مترسلا، يتوقد ذكاء. ومن شعره:
تأمل من أهواه صفرة خاتمي … فقال حبيبي لم تجنبت أحمره؟
فقلت له: من أحمر كان لونه … ولكن سقامي حل فيه فغيره
توفي في رمضان.
وقد ساق ابن خلكان نسبه إلى بهرام جور، وقال (١): له " ديوان " شِعر، و" مختصر إصلاح المنطق "، وكتاب " الإيناس "، ومولده سنة سبعين وثلاثمائة، وحفظ كتبا في اللغة والنحو. وكان يحفظ نحو خمسة عشر ألف بيت من الشعر، وبرع في الحساب، وحصل ذلك وله أربع عشرة سنة، وكان من دهاة العالم. هرب من الحاكم، فأفسد نيات صاحب الرملة وأقاربه على الحاكم،
(١) وفيات الأعيان ٢/ ١٧٢.