الحجاز واليمن، وأن يكون أمرهم إلى سعد الدّولة كوهرائين، فاستعمل عليهم كوهرائين عوضه ترشك، فساروا إلى اليمن واستولوا عليها، فظلموا وعسفوا وفسقوا فأسرفوا، وملكوا عدن، وظهر على ترشك جدري أهلكه بعد جمعة من وصوله إلى عدن. وعاش سبعين سنة فنقله أصحابه معهم، ودفن ببغداد عند مشهد أبي حنيفة.
قال صاحب المرآة (١): وفي غرة رمضان توجه السّلطان من أصبهان إلى بغداد عازمًا على تغيير الخليفة، فوصل بغداد في ثامن عشر رمضان، فنزل داره، ثمّ بعث إلى الخليفة يقول: لا بد أن تترك لي بغداد، وتذهب إلى أي بلد شئت. فانزعج الخليفة وقال: أمهلني ولو شهرًا. فقال: ولا ساعة. فبعث الخليفة إلى وزير السّلطان تاج الملك، فطلب المهلة عشرة أيام. فاتفق مرض السّلطان وموته، وعد ذلك كرامة للخليفة.
وفي عاشر رمضان قتل نظام الملك الوزير بقرب نهاوند؛ أتاه شاب ديلمي من الباطنية في صورة مستغيث فضربه بسكين عندما أخرجت محفته إلى خيمة حرمه بعد إفطاره، وتعس الباطني فلحقوه وقتلوه. وكان مولده سنة ثمان وأربعمائة.
وقيل: إن السّلطان هو الذي دس عليه من قتله؛ لأن ابن نظام الملك كان شابًا طريًا، وليّ نظر مرو ومعه شحنة للسلطان، فعمد وقبض عليه. فغضب السّلطان، وبعث جماعة إلى نظام الملك يعنفه ويوبخه ويقول: إن كنت شريكي في الملك فلذلك حكم! وهؤلاء أولادك قد استولى كل واحد على كورة كبيرة، ولم يكفهم حتّى تجاوزوا أمر السياسة، فأدوا الرسالة، فقوى نفسه، وأخذ يمت بأمور ما أظن عاقلًا يقولها، ويقول: إن كان ما علم أني شريكه في الملك فليعلم، فازداد غضب السّلطان ملكشاه وعمل عليه، ولكنه ما متع بعده، إنما بقي خمسةً وثلاثين يومًا ومات.
فلما مات السّلطان كتمت زوجته تركان موته، وأرسلت إلى الأمراء سرًا فاستحلفتهم لولدها محمود ابن السّلطان، وهو في السّنة الخامسة من عمره. فحلفوا له، وأرسلت إلى المقتدي بالله في أن يسلطنه، فأجاب، وخطب له،