للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستقل بالأمور، وكانت ولايته في سنة تسع وأربعين.

وكان أديبًا، شاعرًا، سمحًا، جوادًا، محبًا لأهل الفضائل، وله ديوان شعر صغير.

ولما مات الفائز وبويع العاضد استمر ابن رزيك في وزارته، وتزوج العاضد بابنته. وكان العاضد من تحت قبضته، فاغتر بطول السلامة، وقطع أرزاق الخاصة، فتعاقدوا على قتله، ووافقهم العاضد، وقرر مع أولاد الداعي قتله، وعين لهم موضعًا في القصر يكمنون فيه، فإذا عبر أبو الغارات قتلوه، فخرج من القصر ليلة، فقاموا إليه، فأراد أحدهم أن يفتح الباب فأغلقه، وما علم لتأخير الأجل. ثم جلسوا له يومًا آخر، ووثبوا عليه عند دخوله القصر نهارًا وجرحوه عدة جراحات، ووقع الصوت، فدخل حشمه، فقتلوا أولئك، ثم حملوه إلى داره جريحًا، ومات ليومه في تاسع عشر رمضان، وخرجت الخلع لولده العادل رزيك بالوزارة.

ورثاه عمارة اليمني بعدة قصائد.

ومن شعر أبي الغارات:

ومُهَفْهَفٍ ثملِ القوامِ سَرَتْ إلى … أعطافه النّشواتُ من عَيْنيهِ

ماضي اللّحاظِ كأنَّما سَلَّتْ يدي … سيفًا غداةَ الروع من جَفْنَيهِ

قد قلتُ إذ خطّ العِذارُ بمسكةٍ … فِي خدّه ألفيه لا لامَيْهِ

ما الشعر دب بعارضيه، وإنما … أصداغه نفضت على خَدَّيهِ

النّاسُ طَوْعُ يدي وَأمري نافِذٌ … فيهمْ وقلبي الآنَ طَوْعُ يَدَيهِ

فاعْجَبْ لسلطان يعمُّ بعدْلِهِ … ويجُورُ سلطانُ الغرامِ عليهِ (١)

وله أشعار كثيرة فِي أهل البيت تدلّ على تشيّعه، وسوء مذهبه، حَتَّى قال الشّريف الجوانيّ: كان فِي نصر المذهب كالسّكَّة المُحْمَاة، لا يفرى فريه، ولا يُبارَى عبقريه، وكان يجمع العلماء من الطّوائف، ويناظرهم على الإمامة.

قلت: وكان يرى القَدَر، وصنَّف كتابًا سمّاه: " الاعتماد فِي الرّدّ على أهل العناد " يقرّر فِيه قواعد الرفض، ويعظم بني عبيد.


(١) من وفيات الأعيان ٢/ ٥٢٦ - ٥٢٨. وانظر الأبيات في ديوانه ١٧٤.