للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى ستر بالحشيش. ثم حفر له في الموضع ودفن وعفي أثره. وبات مؤنس بالشماسية.

وقال الصولي: لما كان يوم الأربعاء لثلاثٍ بقين من شوال ركب المقتدر وعليه قباء فضي وعمامة سوداء وعلى كتفه البردة وبيده القضيب والمصاحف منشورة. وكان وزيره قد أخذ له طالعًا، فقال له المقتدر: أي وقت هو؟ قال: وقت الزوال. فتطير وهم بالرجوع، فأشرفت خيل مؤنس وبليق، ونشبت الحرب، وتفرق عن المقتدر أصحابه وقتله البربري.

وقيل: كان غلامًا لبليق، وكان بطلا شجاعًا تعجب الناس منه يومئذ مما فعل من صناعات الفروسية من اللعب بالرمح والسيف. ثم حمل على المقتدر وضربه بحربةٍ أخرجها من ظهره، فصاح الناس عليه، فساق نحو دار الخلافة ليخرج القاهر، فصادفه حمل شوك فزحمه وهو يسوق حمل الشوك إلى قنار لحام، فعلقه كلاب، وخرج الفرس في مشواره من تحته فمات. فحطه الناس وأحرقوه بالحمل الشوك.

واستخلف المقتدر خمسًا وعشرين سنة إلا بضعة عشر يومًا. وكان النساء قد غلبن عليه. وكان سخيًا مبذرًا يصرف في السنة للحج أكثر من ثلاثمائة ألف دينار. وكان في داره أحد عشر ألف غلام خصيان غير الصقالبة والروم والسود.

وأخرج جميع جواهر الخلافة ونفائسها على النساء ومحقه. وأعطى بعض حظاياه الدرة اليتيمة وكان وزنها ثلاثة مثاقيل. وأخذت زيدان القهرمانة سبحة جوهر لم ير مثلها، هذا مع ما ضيع من الذهب والمسك والأشياء المفتخرة. قيل: إنه فرق ستين حبًا من الصيني ملأى بالغالية التي غرم عليها ما لا يحصى.

وقال الصولي: كان المقتدر يفرق يوم عرفة من الإبل والبقر أربعين ألف رأس، ومن الغنم خمسين ألفًا. ويقال: إنه أتلف من المال ثمانين ألف ألف دينار. وكان في داره عشرة آلاف خادم من الصقالبة. وأتلف نفسه بيده وبسوء تدبيره.

وخلف من الأولاد محمدًا الراضي، وإبراهيم المتقي، وإسحاق والد القادر، والمطيع، وعبد الواحد، وعباسًا، وهارون، وعليًا، وعيسى، وإسماعيل، وموسى، وأبا العباس. وكان طبيبه ثابت بن سنان، وابن بختيشوع.