والخواتميين والزجاجين وبعض سوق الأساكفة والمرجانيين وما فوق ذلك وما تحته من الأسواق والقياسير والفوّارة، وكان حريقاً عظيماً مهولاً، ذهب فيه من الأموال ما لا يحصى ولم يحترق فيه أحد، وأصله أن دكان أولاد الجابي كانت إلى جنب دكان أبي وعملوا مجمرة نار على العادة، ووضعت في البويت وخرج الخارج بزعجة، ودفع الكساء الذي يكون على الباب، فرمى المجمرة وأغلق الدكان وذهب للإفطار، فعملت النار والناس في إفطارهم، واشتد الدخان وخرجت من الدكان قبل عشاء الآخرة، فعلقت بالسقوف العتق والبواري، واشتد عملها وعجزوا عنها، وجاء الوالي ونزل ملك الأمراء حسام الدين لاجين، فأعجزتهم وقضي الأمر، واستمرت إلى نصف الليل، ولولا لطف الله لاحترق الجامع واجتهدوا في إطفائها بكل ممكن، ثم اهتم بذلك محيي الدين ابن النحاس ناظر الجامع اهتماماً لا مزيد عليه، وشرع في عمارته، فبني ذلك وتكامل في سنتين، وبعض ذلك وقف المارستان الصغير.
قال شمس الدين ابن الفخر: إن فخر الدين الكتبي أحرق له كتب بعشرة آلاف درهم، وأن الشمس الكتبي - يعني الفاشوشة - ذهب له كتب ومالٌ في الحريق بما يقارب مائة ألف، قال: وكان مغل الأملاك المحترقة - يعني الأوقاف - في السنة مائة ألف وأربعين ألف درهم.
قلت: وفُرقت هذه الأسواق، فعملوا سوق تجار جيرون على باب دار الخشب، وسكن الزّجّاجون عند حمام الصحن، وسكن الذَّهبيون في أماكن إلى أن تكامل البنيان وعادوا.
[سنة اثنتين وثمانين وستمائة]
في رجب قدم السلطان الملك المنصور دمشق.
وفي صفر ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح شيخنا جمال الدين الفاضلي، لموت العماد الموصلي وحضر عنده قاضي القضاة ابن الصائغ، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وخطب وذكر فضل القرآن، وبحثوا في الجمع وهل هو بدعة.