للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي قدمناه لا يعني أنَّ الذهبيَّ لم يكن عارفًا بالفقه، لكنه كان عَزُوفًا عنه لانشغاله بالحديث وروايته الذي هو الأصل الثاني للفقه، قال ابن ناصر الدين المتوفى سنة ٨٤٢ هـ: "له دُربةٌ بمذاهب الأئمةِ وأرباب المقالات قائمًا بين الخلف ينشر السنة ومذهب السلف" (١).

ولغةُ الذهبيِّ في كتبه لغةٌ جيدة قياسًا بالعصر الذي عاش فيه، ويكفي أننا قَلَّما وجدنا له لحنًا في كتبه. وهو باعتباره محدثًا كبيرًا وناقدًا ماهرًا دقيق في تعابيره، لما لذلك من أهمية في وضع الكلمةِ المناسبة أو العبارة في موضعها الملائم لا سيما في تحبير التراجم، فضَلًا عن أسلوبه السلس الممتع لمن أدمنَ قراءةَ مثل هذه الكتب.

وقد عني الذهبيُّ في مطلع حياته العلمية برواية الشعر وأورد طائفةً من الأشعار عن شيوخه (٢). وذكرت لنا مصادر ترجمته بعضًا من نظمه في المدح (٣)، والرثاء (٤). وله شعر تعليمي، فقد علمنا أنه نظم أسماء المدلسين بقصيدة أوردها السبكي في طبقاته (٥)، كما نظم أسماء الخلفاء بقصيدة أخرى (٦). وكان كثير الاعتناء بالشعراء تدل على ذلك تراجمهم الواسعة في كتابه "تاريخ الإسلام " والنماذج الشعرية الكثيرة التي أوردها وعنايته الفائقة بتتبع دواوين الشعراء بحيث قال في ترجمة أبي الحسن محمد بن المظفر


(١) المصدر نفسه.
(٢) انظر مثلًا معجم الشيوخ، م ١ الورقة ٣، ٧، ١٥، ٢٠، ٢٤، ٢٩، ٣٤، ٣٥، ٤٥، ٤٨، ٥٢، ٥٥، ٦١، ٦٢، ٦٣، ٦٥، و ٦٦، ٦٩، ٧٥، ٧٧، ٨١، ٨٣، ٨٩، م ٢ الورقة ١ - ٦، ١١، ١٢، ٣٠، ٣٣، ٣٦، ٤٠، ٥٢، ٥٦، ٥٩، ٠ ٦، ٦٦، ٧٤، ٨٥، ٨٦، ٨٨، ٩٩ - ٩٦.
(٣) من بين الذين مدحهم الذهبي ووصل إلينا شعره فيهم: إسحاق بن أبي بكر بن إبراهيم الأسدي الحلبي الحنفي النحاس المتوفى سنة ٧١٠ هـ (معجم الشيوخ، م ١ ورقة ٣٤) وتقي الدين السبكي المتوفى سنة ٧٥٦ هـ وولده التاج المتوفى سنة ٧٧١ هـ (طبقات السبكي، ج ٩ ص ١٠٦، والسيوطي: طبقات الحفاظ، ورقة ٨٦) ومعجم البرزالي (ابن ناصر الدين: الرد الوافر، ص ١٢٠).
(٤) من ذلك قصيدته في رثاء رفيقه وشيخه ابن تيمية المتوفى سنة ٧٢٨ هـ (ابن ناصر الدين: الرد الوافر، ص ٣٥ - ٣٦، والتبيان، ورقة ١٦٥).
(٥) ج ٩ ص ١٠٧ - ١٠٩.
(٦) ينظر كتابنا: الذهبي ومنهجه ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>