للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكثر من ستين رجلًا. ثم قال له رجاء: كم رويت في العمامة السوداء؟ قال: هات كم رويت أنت؟ قال: نروي نحوًا من أربعين حديثًا. فخجل رجاء ويبس ريقه.

وسمعت أبا عبد الله يقول: دخلت بلخ، فسألوني أن أملي عليهم لكل من كتبت عنه، فأمليت ألف حديث عن ألف شيخ.

وقال ابن أبي حاتم وراق أبي عبد الله: قال أبو عبد الله: سئل إسحاق بن إبراهيم عمن طلق ناسيًا، فسكت. فقلت: قال النبي : إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم (١). وإنما يراد مباشرة هذه الثلاث: العمل والقلب، أو الكلام والقلب، وهذا لم يعتقد بقلبه. فقال إسحاق: قويتني. وأفتى به.

قال: وسمعت أبا عبد الله البخاري يقول: ما جلست للحديث حتى عرفت الصحيح من السقيم، وحتى نظرت في عامة كتب الرأي، وحتى دخلت البصرة خمس مرات أو نحوها، فما تركت بها حديثًا صحيحًا إلا كتبته، إلا ما لم يظهر لي.

وسمعت بعض أصحابي يقول: كنت عند محمد بن سلام البيكندي، فدخل محمد بن إسماعيل، فلما خرج قال محمد بن سلام: كلما دخل علي هذا الصبي تحيرت والتبس علي أمر الحديث، ولا أزال خائفًا ما لم يخرج.

فصل: في ثناء الأئمة على البخاري

قلت: فارق البخاري بخارى وله خمس عشرة سنة، ولم يره محمد بن سلام بعد ذلك، فقال سليم بن مجاهد: كنت عند محمد بن سلام البيكندي فقال: لو جئت قبل لرأيت صبيًا يحفظ سبعين ألف حديث. فخرجت حتى لحقته فقلت: أنت تحفظ سبعين ألف حديث؟ قال: نعم أو أكثر، ولا أجيئك بحديث عن الصحابة والتابعين إلا عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم، ولست أروي حديثًا من حديث الصحابة والتابعين إلا ولي من ذلك أصل أحفظه حفظًا عن كتاب أو سنة (٢).


(١) هو في صحيحه ٣/ ١٩٠ و ٧/ ٥٩ و ١٨/ ١٦٨.
(٢) تقدم هذا الخبر.