٩٩ - الحسن بن سهل، الوزير أبو محمد، أخو ذي الرياستين الفضل بن سهل.
كانا من بيت رياسة في المجوس، فأسلما مع أبيهما في أيام الرشيد، واتصلوا بالبرامكة، فكان سهل يتقهرم ليحيى البرمكي، فضم يحيى الأخوين إلى ولديه، فضم جعفر الفضل بن سهل إلى المأمون وهو ولي عهد، فغلب عليه، ولم يزل معه إلى أن قتل، فكتب المأمون بمنصبه، وهو الوزارة، إلى الحسن. ثم لم تزل رتبته في ارتقاء إلى أن تزوج المأمون ببوران بنته، وانحدر إلى فم الصلح للدخول بها سنة عشر ومائتين. ففرش للمأمون ليلة العرس حصير من ذهب مسفوف، ونثر عليه جوهر كثير، فلم يأخذ أحد شيئا. فوجه الحسن إلى المأمون: هذا نثار يجب أن يلقط. فقال لمن حوله من بنات الخلفاء: شرفن أبا محمد. فأخذن منه اليسير. ويقال: إن الحسن نثر على الأمراء رقاعا فيها أسماء ضياع، فمن أخذ رقعة ملك الضيعة. وأنفق في وليمة بنته أربعة آلاف ألف دينار. ولم يزل الحسن وافر الحرمة إلى أن مات. وكان يدعى بالأمير أبي محمد.
وقد شكى إليه الحسن بن وهب الكاتب إضاقة، فوجه إليه بمائة ألف درهم، ووصل محمد بن عبد الملك الزيات مرة بعشرين ألفا. ويقال: إنه بعث إليه نوبة بخمسة آلاف دينار. وكان أحد الأجواد الموصوفين.
قال إبراهيم نفطويه: كان من أسمح الناس وأكرمهم، ومات سنة ست وثلاثين، عن سبعين سنة.
وحدثني بعض ولده أنه رأى سقاء يمر في داره، فدعا به فقال: ما حالتك؟ فذكر له بنتا يريد زفافها، فأخذ يوقع له بألف درهم، فأخطأ فوقع له ألف ألف درهم. فأتى به السقاء وكيله، فأنكر الحال، واستعظم مراجعته. فأتوا غسان بن عباد أحد الكرماء، فأتاه فقال: أيها الأمير، إن الله لا يحب المسرفين. قال: ليس فى الخير إسراف. ثم ذكر أمر السقاء، فقال: والله لا رجعت عن شيء خطته يدي. فصولح السقاء على جملة منها.
قيل: إنه مات بسرخس في ذي القعدة من شرب دواء أفرط به سنة ست وثلاثين.