للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاجلس في حجري، ففعل، قالت: هل تراه؟: قال: نعم، فتحسرت فألقت خمارها، ثم قالت: هل تراه؟ قال: لا، قالت: اثبت وأبشر، فوالله إنه لملك وما هذا بشيطان.

قال: وحدثت عبد الله بن حسن هذا الحديث فقال: قد سمعت أمي فاطمة بنت حسين تحدث هذا الحديث، عن خديجة، إلا أني سمعتها تقول: أدخلت رسول الله بينها وبين درعها فذهب عند ذلك جبريل، فقالت: إن هذا لملك وما هو بشيطان.

وقال أبو صالح: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني محمد بن عباد بن جعفر المخزومي أنه سمع بعض علمائهم يقول: كان أول ما أنزل الله على نبيه: (اقرأ باسم ربك)، إلى قوله: (ما لم يعلم)، فقالوا: هذا صدرها الذي أنزل على رسول الله يوم حراء، ثم أنزل آخرها بعد بما شاء الله (١).

وقال ابن إسحاق (٢): ابتدئ رسول الله بالتنزيل في رمضان، قال الله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)، وقال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر)، وقال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) (٣).

قال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق (٤) قال: همز جبريل بعقبه في ناحية الوادي، فانفجرت عين، فتوضأ جبريل ومحمد ، ثم صلى ركعتين ورجع، قد أقر الله عينه، وطابت نفسه، فأخذ بيد خديجة، حتى أتى بها العين فتوضأ كما توضأ جبريل، ثم صلى ركعتين هو وخديجة، ثم كان هو وخديجة يصليان سرا، ثم إن عليا جاء بعد ذلك بيوم فوجدهما يصليان فقال علي: ما هذا يا محمد؟ فقال: دين اصطفاه الله لنفسه وبعث به رسله فأدعوك إلى الله وحده، وكفر باللات والعزى. فقال علي: هذا أمر لم أسمع به قبل


(١) دلائل النبوة ٢/ ١٥٧.
(٢) ابن هشام ١/ ٢٣٩.
(٣) كتب المؤلف في حاشية نسخته إضافة لكنّه تنبه إلى أنها قد مَرّت فكتب قبالتها "مَرّ" وهي: "وقال ابن أبي عدي، عن داود، عن عامر الشعبي، قال: أنزلت النبوة على رسول الله وهو ابن أربعين سنة، فقرن بنبوته إسرافيل ثلاث سنين يُعلّمه الكلمة والشيء، ولم ينزل القرآن على لسانه، فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوته جبريل، فنزل القرآن على لسانه عشرين سنة".
(٤) دلائل النبوة ٢/ ١٦٠ - ١٦١. وانظر ابن هشام ١/ ٢٤٤.