للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأشْرَف المصطفى الهادي البشيرُ عَلَى … ما أسلَفَ الأشرفُ السّلطانُ من قُرب

فقَرَّ عَيْنًا بهذا الفتْح وابتهَجَتْ … ببشْرهٍ الكعبةُ الغرّاءُ فِي الحُجُب

وسار فِي الأرض مَسْرَى الرّيح سُمْعَتُهُ … فالبرُّ فِي طَرَب والبحرُ فِي حَرَبِ

وخاضت البيضُ فِي بحر الدّماء فما … أبدت من البيض إلا ساقَ مُخْتَضِبِ

وغاص زرق القنا فِي زرق أعينهم … كأنها شَطَنٌ تهوي إلى قُلُبِ

أجرت إلى البحر بحْرًا من دِمائهمُ … فراح كالرّاح إذ غَرْقَاهُ كالحَبَبِ

بُشراك يا ملك الدُّنيا لقد شَرفَتْ … بك المَمَالِكُ واسْتَعْلَت عَلَى الرُتَب

ما بعد عكّا وقد لانت عريكتها … لديك شيءٌ تلاقيه عَلَى تَعَب

أدركْتَ ثأرَ صلاح الدّين إذ غصبت … منه لسر طواه الله في اللقب

بانت وقد جاوَرَتْنا ناشِزًا وغَدَت … طَوْعَ الهَوَى فِي يَدي جيرانها الْجُنُب

وجالت النّار فِي أرجائها وعَلَتْ … فأطفأتْ ما بصدر الدّين من كُرَبِ

أضحت " أَبَا لهبٍ " تِلْكَ البُرُوج وقد … كانت بتعليقها حمّالةَ الحَطبِ

وأفلت البحرُ منهم من يخبّر مَنِ … يَلقاه من قومه بالوَيْل والحَربِ

وتمّتِ النّعمةُ العُظْمَى وقد كملتْ … بفتح صور بلا حصْرٍ ولا نَصَبِ

لمّا رأتْ أُخْتَها بالأمس قد خَرَبتْ … كَانَ الخرابُ لها أعْدَى من الجرب

إن لم يكن نم لون اليم متصبغا … بها البهاء وإلّا ألسن اللّهَبِ

فاللهُ أعطاك مُلْكَ البحرِ وابتدأت … لك السعادة ملك البر فارتقب

من كَانَ مبدؤه عكّا وصور معًا … فالصّين أدنى إلى كفَّيْهِ من حَلَبِ

وله من قصيدةٍ أخرى فِي عكّا مدح بها الشّجاعيّ:

الشَّرْك أجلي وانجلت ضلماته … والدّين قرّ وأشرقت قَسَمَاتُه

والنّصر ألْوت بالفِرَنْج رياحه … من بعد ما فَتكَتُ بهم نَسَماتُه

هذا الذي كانت تخيله المنى … وتحيله قدم العِدَى وثباتُه

هذا الَّذِي كَانَ الرّجاء ببعضه … يعد النُّفوس ولا تصحّ عداته

هبّ الزّمانُ من الكرى من بعدما … طالت سني رقاده وسباته

ما كَانَ يحسُّن أن يجاورنا العِدى … لو زال عن جَفْن الجهاد سُباتُه

والآن قد ذهَبَتْ بحمد اللَّه … عَنْ أرض الشّام عِداتُنا وعداته

وتفرقت أيدي سبأ وسباؤهم … جمعت برغمهم لنا أشتاته