عليك أمر قومك. قلت: نعم، فانطلقت به، فما شعر مسعود وهو جالس يوقد له بقضيب على لبنة، وهو يعالج أحد خفيه بخلعه، فعرفنا فقال: إنه قد كان يتعوذ من طوارق السوء، فقلت له: أفتخرجه بعدما دخل عليك بيتك؟ فأمره، فدخل بيت ابنه عبد الغافر، وركب معي في جماعة من قومه، وطاف في الأزد فقال: إن ابن زياد قد فقد، وإنا لا نأمن أن نلطخ به، فأصبحت الأزد في السلاح، وأصبح الناس قد فقدوا ابن زياد، فقالوا: أين توجه؟ ما هو إلا في الأزد.
قال خليفة: قال أبو اليقظان: فسار مسعود وأصحابه يريدون دار الإمارة، ودخلوا المسجد، وقتلوا قصارا كان في ناحية المسجد، ونهبوا دار امرأة، وبعث الأحنف حين علم بذلك إلى بني تميم، فجاءوا، ودخلت الأساورة المسجد فرموا بالنشاب، فيقال: إنهم فقأوا عين أربعين نفسا. وجاء رجل من بني تميم إلى مسعود فقتله، وهرب مالك بن مسمع، فلجأ إلى بني عدي، وانهزم الناس.
وقال الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد: إن عبيد الله قدم الشام، وقد بايع أهلها عبد الله بن الزبير، ما خلا أهل الجابية ومن كان من بني أمية، فبايع هو ومروان وبنو أمية خالد بن يزيد بن معاوية بعد موت أخيه معاوية في نصف ذي القعدة، ثم ساروا فالتقوا هم والضحاك بن قيس الفهري بمرج راهط، فاقتتلوا أياما في ذي الحجة، وكان الضحاك في ستين ألفا، وكان مروان في ثلاثة عشر ألفا، فأقاموا عشرين يوما يلتقون في كل يوم، فقال عبيد الله بن زياد لمروان: إن الضحاك في فرسان قيس، ولن تنال منهم ما تريد إلا بمكيدة، فسلهم الموادعة، وأعد الخيل، فإذا كفوا عن القتال فادهمهم، قال: فمشت بينهم السفراء حتى كف الضحاك عن القتال، فشد عليهم مروان في الخيل، فنهضوا للقتال من غير تعبئة، فقتل الضحاك، وقتل معه طائفة من فرسان قيس، وسنورد من أخباره في اسمه.