وقال سعيد بن يزيد الأزدي: قال عبيد الله لأهل البصرة: اختاروا لأنفسكم، قالوا: نختارك، فبايعوه وقالوا: أخرج لنا إخواننا، وكان قد ملأ السجون من الخوارج، فقال: لا تفعلوا؛ فإنهم يفسدون عليكم، فأبوا عليه فأخرجهم، فجعلوا يبايعونه، فما تتام آخرهم حتى أغلظوا له، ثم خرجوا في ناحية بني تميم.
وروى جرير بن حازم عن عمه أنهم خرجوا، فجعلوا يمسحون أيديهم بجدر باب الإمارة ويقولون: هذه بيعة ابن مرجانة، واجترأ عليه الناس حتى نهبوا خيله من مربطه.
وقال غيره: فهرب بالليل، فاستجار بمسعود بن عمرو رئيس الأزد، فأجاره. ثم إن أهل البصرة بايعوا عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي ببه، ورضوا به أميرا عليهم، واجتمع الناس لتتمة البيعة، فوثبت الحرورية على مسعود بن عمرو فقتلوه، وهرب الناس، وتفاقم الشر، وافترق الجيش فرقتين، وكانوا نحوا من خمسين ألفا، فاقتتلوا ثلاثة أيام، فكان على الخوارج نافع بن الأزرق.
وقال الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد: إن مسعودا جهز مع عبيد الله بن زياد مائة من الأزد، فأقدموه الشام.
وروى ابن الخربت، عن أبي لبيد، عن الحارث بن قيس الجهضمي قال: قال ابن زياد: إني لأعرف سوء رأي كان في قومك، قال الحارث: فوقفت عليه فأردفته على بغلتي، وذلك ليلا، وأخذت به على بني سليم، فقال: من هؤلاء؟ قلت: بنو سليم، قال: سلمنا إن شاء الله، ثم مررنا على بني ناجية وهم جلوس معهم السلاح، فقالوا: من ذا؟ قلت: الحارث بن قيس، قالوا: امض راشدا، فقال رجل: هذا والله ابن مرجانة خلفه، فرماه بسهم، فوضعه في كور عمامته، فقال: يا أبا محمد، من هؤلاء؟ قلت: الذين كنت تزعم أنهم من قريش، هؤلاء بنو ناجية، فقال: نجونا إن شاء الله، ثم قال: إنك قد أحسنت وأجملت، فهل تصنع ما أشير به عليك؟ قد عرفت حال مسعود بن عمرو وشرفه وسنه، وطاعة قومه له، فهل لك أن تذهب بي إليه، فأكون في داره؟ فهي أوسط الأزد دارا، فإنك إن لم تفعل تصدع