بالبيت وننصرف إلى بلادنا، حتى يجتمعوا على رجل. فقال ابن الزبير: لا، ولا كرامة، فقال ابن صفوان: لم! بلى نفعل ذلك، فدخلا على المسور فقال:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} الآية، قد خربوا بيت الله وأخافوا عواده، فأخفهم كما أخافوا عواده، فتراجعوا، وغلب المسور ومات من يومه.
قلت: وكان له خمسة أيام قد أصابه من حجر المنجنيق شقفة في خده فهشم خده.
وروى الواقدي عن جماعة أن ابن الزبير دعاهم إلى نفسه، فبايعوه، وأبى عليه ابن عباس وابن الحنفية، وقالا: حتى تجتمع لك البلاد وما عندنا خلاف، فكاشرهما، ثم أغلظ عليهما كما سيأتي.
وقال غيره: لما بلغ ابن الزبير موت يزيد بايعوه بالخلافة لما خطبهم ودعاهم إلى نفسه، وكان قبل ذلك إنما يدعو إلى الشورى، فبايعوه في رجب.
ولما هلك يزيد بويع بعده ابنه معاوية بن يزيد، فبقي في الخلافة أربعين يوما، وقيل: شهرين أو أكثر متمرضا، والضحاك بن قيس يصلي بالناس، فلما احتضر قيل له: ألا تستخلف؟ فأبى، وقال: ما أصبت من حلاوتها، فلم أتحمل مرارتها! وكان لم يغير أحدا من عمال أبيه. وكان شابا صالحا، أبيض جميلا وسيما، عاش إحدى وعشرين سنة، وصلى عليه عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان، فأرادت بنو أمية عثمان هذا على الخلافة، فامتنع ولحق بخاله عبد الله بن الزبير.
وقال حصين بن نمير لمروان بن الحكم عند موت معاوية: أقيموا أمركم قبل أن يدخل عليكم شامكم، فتكون فتنة، فكان رأي مروان أن يرد إلى ابن الزبير فيبايعه، فقدم عليه عبيد الله بن زياد هاربا من العراق، وكان عندما بلغه موت يزيد خطب الناس ونعى إليهم يزيد، وقال: اختاروا لأنفسكم أميرا، فقالوا: نختارك حتى يستقيم أمر الناس، فوضع الديوان وبذل العطاء، فخرج عليه سلمة الرياحي بناحية البصرة، فدعا إلى ابن الزبير، فمال الناس إليه.