للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معا، وأغلقها من داخل، ثم صرنا إلى رواق، وفي صدره مجلس مغلق، فقعد على بابه ونقره، فسمعنا حسا، ثم نقر، فسمعت صوت عود، فغنت جارية، ما ظننت أن الله خلق مثلها في حسن الغناء، فقال لها: غني صوتي، فغنت:

ومحبب شهد الرفاق وقبله غنى الجواري حاسرا، ومنقبا لبس الدلال وقام ينقر دفه نقرا أقر به العيون وأطربا إن النساء رأينه فعشقنه وشكون شدة ما بهن فكذبا

فطربت والله، ثم غنت فرقصنا معا، ثم قال لي: انهض بنا، فلما صرنا في الدهليز، قال: أتعرف هذه؟ قلت: لا، قال: هي علية بنت المهدي، والله لئن لفظت به لأقتلنك.

فقال له جدي: فقد والله لفظت به، والله ليقتلنك.

قيل: أنشدت جعفرا امرأة كلابية:

إني مررت على العقيق وأهله يشكون من مطر الربيع نزورا ما ضرهم إذ مر فيهم جعفر أن لا يكون ربيعهم ممطورا

وروى الإسكافي، عن إسحاق الموصلي قال: قال لي الرشيد بعد قتل جعفر وصلبه: اخرج بنا ننظر إليه، فلما عاينه أنشأ يقول:

تقاضاك دهرك ما أسلفا وكدر عيشك بعد الصفا ولا تعجبن فإن الزمان رهين بتفريق ما ألفا

الحارث بن أبي أسامة، حدثنا إسماعيل بن محمد - ثقة - قال: لما بلغ ابن عيينة قتل جعفر البرمكي حول وجهه إلى الكعبة، وقال: اللهم إنه كان قد كفاني مؤونة الدنيا، فاكفه مؤونة الآخرة.

ابن المرزباني، عن هاشم بن سعيد البلدي، عن أبيه قال: لما صلب جعفر، وقف الرقاشي الشاعر، وأنشأ يقول:

أما والله لولا خوف واش وعين للخليفة لا تنام لطفنا حول جذعك واستلمنا كما للناس بالحجر استلام فما أبصرت قبلك يا ابن يحيى حساما فله السيف الحسام على اللذات والدنيا جميعا لدولة آل برمك السلام

<<  <  ج: ص:  >  >>