ثم ركب أبو الفتوح الحسن بن جعفر، صاحب مكة فأطفأ الفتنة، وردهم عن المصريين.
قال هلال بن المحسن: قيل إن الضارب بالدبوس ممن استغواهم الحاكم وأفسد أديانهم.
وقيل: كان ذلك في سنة أربع عشرة.
وقال: أبي النرسي: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، قال: في سنة ثلاث عشرة لما صُليت الجمعة يوم النفر الأول، ولم يكن رجع الحاج بعدُ من منى قام رجلٌ فقصد الحجر فضربه ثلاث ضربات بدبوس، وقال: إلى متى يُعبد الحجر، ولا محمد ولا علي فيمنعني محمد مما أفعله، فإني أهدم اليوم هذا البيت. فاتقاه أكثر الحاضرين وكاد يُفلت. وكان أحمر أشقر تام القامة جسيما؛ وكان على باب المسجد عشرةٌ من الفُرسان على أن ينصروه، فاحتسب رجل فوجأه بخنجر وتكاثر عليه الناس فقُتل وأحرق، وقُتل جماعة ممن اتهم بمعاونته ومُصاحبته، وأُحرقوا بالنار. وبانت الفتنة، فكان الظاهر من القتلى أكثر من عشرين رجلا غير ما أُخفي، وألحوا في ذلك اليوم على المصريين بالنهب والسلب، وفي ثاني يوم ماج الناس واضطربوا.
وقيل: إنه أُخذ من أصحاب الخبيث أربعةٌ اعترفوا بأنهم مائة بايعوا على ذلك، فضُربت أعناق الأربعة.
وتخشن وجه الحجر من تلك الضربات، وتساقطت منه شظايا مثل الأظفار، وتشقق وخرج مكسره أسمر يضرب إلى صُفرة محببا مثل الخشخاش. فأقام الحجرُ على ذلك يومين، ثم إن بني شيبة جمعوا الفُتات وعجنوه بالمسك واللك وحشوا الشقُوق وطلوها بطلاء من ذلك. فهو يتبين لمن تأمله، وهو على حاله إلى اليوم.
وفيها زحف المأمون قاسم بن محمود الإدريسي في الجيوش، وحارب ابن أخيه يحيى بن علي، فهُزم يحيى واستولى المأمون على قُرطبة. ثم اضطرب أمره بعد شهور، وجرت للمأمون أمور ذُكرت في ترجمته سنة إحدى وثلاثين.