والضعيف. أوصى عند الموت إلى ولده أبي عبد الله، وأن يدفن على قارعة الطريق ليترحم عليه.
توفي في ربيع الأول ومدة ملكه خمس عشرة سنة.
كتب إليه الملك صلاح الدين يستنجده على الفرنج، ولم يخاطبه بأمير المؤمنين في كتابه، فلم يجبه إلى ما طلب.
وقال أحمد بن أبي أصيبعة في ترجمة أبي جعفر ابن الغزال: إنه لازم الحفيد أبا بكر بن زهر حتى برع في الطب، وخدم المنصور. وكان المنصور قد أبطل الخمر، وشدد في أن لا يؤتى بشيء منه، أو يكون عند أحدٍ. ثم بعد مدة قال المنصور لأبي جعفر ابن الغزال: أريد أن تركب لي ترياقًا. فجمع حوائجه، فأعوزه الخمر، فأعلم المنصور فقال: تطلبه من كل ناحية فلعل يقع عند أحد. فتطلبه حتى يئس، فقال المنصور: والله ما كان قصدي بعمل الترياق إلا لأعتبر هل بقي عند أحدٍ خمرٌ أم لا.
قلت: وهذا من أحسن التلطف في كشف الأمور الباطنة.
وبلغني أن الأذفنش لما بعث إلى أبي يوسف يتهدده ويطلب منه بعض الحصون، وكانت المكاتبة من إنشاء وزيره ابن الفخار وهي: باسمك اللهم فاطر السموات والأرض، وصلى الله على السيد المسيح، روح الله وكلمته الرسول الفصيح، أما بعد، فلا يخفى على ذي ذهن ثاقب، ولا عقل لازب، أنك أمير الملة الحنيفية، كما أنا أمير الملة النصرانية، وقد علمت ما عليه نوابك من رؤساء الأندلس من التخاذل والتواكل، وإهمال أمر الرعية، وإخلادهم إلى الراحة. وأنا أسومهم القهر، فأخلي الديار، وأسبي الذراري، وأقتل الرجال، ولا عذر لك في التخلف عنهم وعن نصرهم إذ أمكنتك يد القدرة، وأنتم تزعمون أن الله فرض عليكم قتال عشرة منا بواحد منكم، الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا، ونحن الآن نقاتل عشرة منكم بواحد منا، لا تستطيعون دفاعًا، ولا تملكون امتناعًا.
وقد حكي لي عنك أنك أخذت في الاحتفال، وأشرفت على ربوة القتال، وتماطل نفسك عامًا بعد عام، تقدم رجلًا وتؤخر أخرى، فلا أدري، الجبن بطأ بك أم التكذيب بما وعدك ربك. ثم قيل لي: إنك لا تجد إلى جواز البحر بيلًا لعلةٍ لا يسوغ لك التقحم معها.