على السفر، أعطوه ما يليق به. وبنى مدرسة للشافعية والحنفية وكان يأتيها كلّ وقتٍ، ويعمل بها سماطًا ثمّ يعمل سماعًا، فإذا طاب وخلع من ثيابه سيّر للجماعة شيئًا من الإنعام، ولم تكن له لذّةٌ سوى السّماع، فإنّه كان لا يتعاطى المنكر، ولا يمكن من إدخاله البلد. وبنى للصّوفية خانقاتين، فيهما خلقٌ كثير، ولهما أوقافٌ كثيرة، وكان ينزل إليهم ويعمل عندهم السّماعات. وكان يبعث أمناءه في العام مرتين بمبلغ يفتكّ به الأسرى، فإذا وصلوا إليه أعطى كلّ واحد شيئًا. ويقيم في كلّ سنة سبيلًا للحجّ، ويبعث في العام بخمسة آلاف دينارٍ للمجاورين. وهو أول من أجرى الماء إلى عرفات، وعمل آبارًا بالحجاز، وبنى له هناك تربة.
قال: وأمّا احتفاله بالمولد، فإنّ الوصف يقصر عن الإحاطة به، كان الناس يقصدونه من الموصل، وبغداد، وسنجار، والجزيرة، وغيرها خلائق من الفقهاء والصّوفية والوعّاظ والشعراء، ولا يزالون يتواصلون من المحرّم إلى أوائل ربيع الأوّل ثمّ تنصب قباب خشب نحو العشرين، منها واحدة له، والباقي لأعيان دولته، وكلّ قبة أربع خمس طبقات ثمّ تزيّن من أول صفر، ويقعد فيها جوق المغاني والملاهي وأرباب الخيال، ويبطل معاش الناس للفرجة. وكان ينزل كلّ يومٍ العصر، ويقف على قبّة قبة، ويسمع غناءهم، ويتفرّج على خيالاتهم، ويبيت في الخانقاه يعمل السّماع، ويركب عقيب الصبّح يتصيّد، ثم يرجع إلى القلعة قبل الظّهر، هكذا يفعل كل يوم إلى ليلة المولد، وكان يعمله سنةً في ثامن الشهر وسنة في ثاني عشره للاختلاف، فيخرج من الإبل والبقر والغنم شيئًا زائدًا عن الوصف مزفوفة بالطّبول والمغاني إلى الميدان، ثمّ تنحر وتطبخ الألوان المختلفة، ثمّ ينزل وبين يديه الشّموع الكبيرة وفي جملتها شمعتان أو أربع - أشكّ - من الشموع الموكبية التي تحمل كلّ واحدةٍ على بغلٍ يسندها رجل، حتّى إذا أتى الخانقاه نزل. وإذا كان صبيحة يوم