للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نازل على الشقيف. وكان قد تحدث في ذلك مع العلماء، فقال له القاضي شمس الدّين ابن عطاء الحنفيّ: هذا لا يجوز لأحدٍ أن يتحدث فيه، وقام مغضباً وتوقف الحال، ولما وقعت الحوطة على البساتين صقعت بحيث عدمت الثمار بالكلية، وظن الناس أنه يرق لهم، فلما أراد التوجه إلى مصر عقد بدار العدل مجلساً، وأحضر العلماء، وأخرج فتاوى الحنفيّة بأنه يستحقها بحكم أن عمر رضي الله عنه فتح دمشق عنوةً، ثم قال: من كان معه عتيقٍ أمضيناه، وإلا فنحن فتحنا البلاد بسيوفنا، ثم قرر عليهم ألف ألف درهم عن الغوطة، فسألوه أن يقسطها عليهم، فأبى، وتمادى الحال إلى أن خرج متوجهاً إلى مصر في ذي القعدة، فلما وصل إلى اللجون عاوده الأتابك وفخر الدّين ابن حنى وزير الصُّحبة، فاستقر الحال أن يعجّلوا منها أربعمائة ألف درهم، ويعاد إليهم ما قبضه الديوان من المغل ويسقط ما بقي كل سنة مائتي ألف درهم، وكتب بذلك توقيع.

قلت: جاء على كل مدي بضعة عشر درهماً وباع الناس أملاكهم بالهوان وعجزوا، فإن بعض الأمداء لا يغل في السنة ستة دراهم.

أعجوبة اللهم أعلم بصحتها، قد خلدها ابن عبد الظاهر في السيرة الظاهرية، فقال: بعثت رسولاً إلى عكا في الصلح، فبالغوا في إكرامنا ونزلنا داراً على بابها أعلام وصلبان وجرص كبير كالكنائس، فحركوا الأجراس ومعنا ركابي اسمه ريّان، فنادى: يا لله يا الله كسِّر هذه الأعلام واقطع هذه الأجراس وملِّك السلطان الملك الظاهر عكا، فما استتّم حديثه إلا والجرص قد انقطع والأعلام قد وقعت وتكسرت الرماح.

قال قطب الدّين: وبعث صاحب سيس يستفك ولده من الأسر، فطلب منه من جملة الفداء أن يسعى في خلاص الأمير شمس الدّين سنقر الأشقر من التّتار، فبعث صاحب سيس إليهم متوسلاً بطاعته وبذل أموالاً فلم يجيبوه، فلما استولى السلطان على أنطاكية بعث إليه صاحب سيس يبذل القلاع التي كان أخذها من التّتار عند استيلائهم على حلب وهي دربساك وبهسنا،

<<  <  ج: ص:  >  >>