فأمر علي فنودي: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن رسولي الذي أرسلته إلى الشام قد قدم علي، وأخبرني أن معاوية قد نهد إليكم في أهل الشام فما الرأي؟ قال: فأضب أهل المسجد يقولون: يا أمير المؤمنين الرأي كذا، الرأي كذا، فلم يفهم على كلامهم من كثرة من تكلم، وكثر اللغط، فنزل وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب بها ابن أكالة الأكباد، يعني معاوية.
وقال الأعمش: حدثني من رأى عليا يوم صفين يصفق بيديه ويعض عليها ويقول: واعجبا! أعصى ويطاع معاوية.
وقال الواقدي: اقتتلوا أياما حتى قتل خلق وضجروا، فرفع أهل الشام المصاحف وقالوا: ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فيه، وكان ذلك مكيدة من عمرو بن العاص، يعني لما رأى ظهور جيش علي. فاصطلحوا كما يأتي.
وقال الزهري: اقتتلوا قتالا لم تقتتل هذه الأمة مثله قط، وغلب أهل العراق على قتلى أهل حمص، وغلب أهل الشام على قتلى أهل العالية، وكان على ميمنة علي: الأشعث بن قيس الكندي، وعلى الميسرة: عبد الله بن عباس، وعلى الرجالة: عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، فقتل يومئذ. ومن أمراء علي يومئذ: الأحنف بن قيس التميمي، وعمار بن ياسر العنسي، وسليمان بن صرد الخزاعي، وعدي بن حاتم الطائي، والأشتر النخعي، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وشبث بن ربعي الرياحي، وسعيد بن قيس الهمداني، وكان رئيس همدان: المهاجر بن خالد بن الوليد المخزومي، وقيس بن مكشوح المرادي، وخزيمة بن ثابت الأنصاري، وغيرهم.
وكان علي في خمسين ألفا، وقيل: في تسعين ألفا، وقيل: كانوا مائة ألف.