وورد من هيت نصر الحاجب ومعه ثلاثة عشر من القرامطة، فأمر المقتدر لهم بخلع ومال لكونهم خامروا على القرمطي.
وولى المقتدر أبا الهيجاء الجزيرة والموصل.
ثم إن الجند اجتمعوا فشغبوا على المقتدر، وطلبوا الزيادة وشتموه ونهبوا القصر الملقب بالثريا، وصاحوا: أبطلت حجنا وأخذت أموالنا، وجرأت العدو وتنام نومة الجارية! فبذل لهم المال فسكتوا. وجددت على بغداد الخنادق وأصلحت الأسوار.
وفيها: مات الحسين بن عبد الله الجوهري ابن الجصاص. وكان ابن طولون قال: لا يباع لنا شيء إلا على يده.
وعنه قال: كنت يوماً جالساً في الدهليز، فخرجت قهرمانة معها مائة حبة جوهر، تساوي الحبة ألف دينار، فقالت: يحتاج هذا إلى خرط ليصغر، فأخذته مسرعاً، وجمعت يومي ما قدرت عليه حتى حصلت مائة حبة من النوع الصغار. وأتيت القهرمانة، فقلت: قد خرطنا هذا، وتقومت علي بمائة ألف درهم.
وقد أسلفنا من أخباره لما صودر سنة اثنتين وثلاثمائة.
قال التنوخي: ولما صودر وجد في داره سبعمائة مزملة خيزران. وبلغت مصادرته ستة آلاف ألف دينار. وأطلق بعد المصادرة، فلم يبق له إلا ما قيمته سبعمائة ألف دينار.
وكان مع هذا فيه نوع بله وغفلة، له حكايات في المغفلين. مرض مرة بالحمى فقيل: كيف أنت؟ قال: الدنيا كلها محمومة. ونظر في المرآة يوماً، فقال لرجل: ترى لحيتي طالت؟ فقال: المرآة في يدك. فقال: الشاهد يرى ما لا يرى الحاضر.
ودخل يوماً على ابن الفرات، فقال: أيها الوزير، عندنا كلاب ما تدعنا ننام. قال: لعلهم جرى. قال: لا والله، ألا كل كلب مثلي ومثلك!
وقيل: كان يدعو ويقول: حسبي الله وأنبياؤه وملائكته. اللهم، أعد من بركة دعائنا على أهل القصور في قصورهم، وعلى أهل الكنائس في