للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإداوة، وقصعة، وجراب، شاحبا، كثير الشعر، فلما قدم على عمر قال له: يا عمير، ما هذا الذي أرى من سوء حالك، أكانت البلاد بلاد سوء، أم هذه منك خديعة؟ قال عمير: يا عمر بن الخطاب ألم ينهك الله عن التجسس وسوء الظن؟ ألست تراني طاهر الدم، صحيح البدن ومعي الدنيا بقرابها! قال عمر: ما معك من الدنيا؟ قال: مزودي أجعل فيه طعامي، وقصعة آكل فيها، ومعي عكازتي هذه أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوا إن لقيته، وأقتل بها حية إن لقيتها. فما بقي من الدنيا! قال: صدقت، فأخبرني ما حال من خلفت من المسلمين. قال: يصلون ويوحدون، وقد نهى الله أن نسأل عما وراء ذلك. قال: ما صنع أهل العهد؟ قال عمير: أخذنا منهم الجزية عن يد وهم صاغرون. قال: فما صنعت بما أخذت منهم؟ قال: وما أنت وذاك يا عمر! أرسلتني أمينا، فنظرت لنفسي، وايم الله لولا أني أكره أن أغمك لم أحدثك يا أمير المؤمنين، قدمت بلاد الشام، فدعوت المسلمين، وأمرتهم بما حق لهم علي فيما افترض الله تعالى عليهم، ودعوت أهل العهد، فجعلت عليهم من يجبيهم، فأخذناه منهم، ثم رددناه على فقرائهم ومجهوديهم، ولم ينلك من ذلك شيء، فلو نالك بلغناكه. قال عمر: سبحان الله، ما كان فيهم رجل يتبرع عليك بخير ويحملك على دابة، جئت تمشي، بئس المعاهدون فارقت، وبئس المسلمون، أما والله لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: لتوطأن حرمهم وليجارن عليهم في حكمهم، وليستأثرن عليهم بفيئهم، وليلينهم رجال إن تكلموا قتلوهم، وإن سكتوا اجتاحوهم. فقال عمير: ما لك يا عمر تفرح بسفك دمائهم وانتهاك محارمهم! قال عمر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليسلطن الله عز وجل عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم. ثم إن عمر قال: هاتوا صحيفة لنجدد لعمير عهدا، قال عمير: والله لا أعمل لك، اتق الله يا أمير المؤمنين واعفني بغيري.

وذكر حديثا طويلا منكرا. وروي نحوه، عن هارون بن عنترة، عن أبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>