جنبه وهو ابن سبع سنين ليلة السابع والعشرين من رمضان، قال: فانتبه نحو نصف الليل وأيقظني، وقال: يا أبة، ما هذا الضوء الذي قد ملأ الدار؟ فاستيقظ أهله كلهم، فلم نر كلنا شيئا، فعرفت أنها ليلة القدر. وقال ابن العطار: ذكر لي الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي رحمه الله قال: رأيت الشيخ محيي الدين وهو ابن عشر بنوى والصبيان يكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب ويبكي، ويقرأ القرآن في تلك الحال، فوقع في قلبي محبته. وجعله أبوه في دكان بالقرية، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، فوصيت الذي يقرئه وقلت: هذا يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم. فقال لي: أمنجم أنت؟ قلت: لا، وإنما أنطقني الله بذلك. فذكر ذلك لوالده، فحرص عليه إلى أن ختم، وقد ناهز الاحتلام.
قال ابن العطار: قال لي الشيخ: فلما كان لي تسع عشرة سنة قدم بي والدي إلى دمشق في سنة تسع وأربعين فسكنت المدرسة الرواحية، وبقيت نحو سنتين لم أضع جنبي إلى الأرض. وكان قوتي فيها جراية المدرسة لا غير، وحفظت التنبيه في نحو أربعة أشهر ونصف.
قال: وبقيت أكثر من شهرين أو أقل لما قرأت: يجب الغسل من إيلاج الحشفة في الفرج، أعتقد أن ذلك قرقرة البطن، وكنت أستحم بالماء البارد كلما قرقر بطني.
قال: وقرأت حفظا ربع المهذب في باقي السنة، وجعلت أشرح وأصحح على شيخنا كمال الدين إسحاق بن أحمد المغربي، ولازمته فأعجب بي وأحبني، وجعلني أعيد لأكثر جماعته. فلما كانت سنة إحدى وخمسين حججت مع والدي، وكانت وقفة جمعة، وكان رحيلنا من أول رجب، فأقمنا بالمدينة نحوا من شهر ونصف. فذكر والده قال: لما توجهنا من نوى أخذته الحمى، فلم تفارقه إلى يوم عرفة، ولم يتأوه قط، ثم قدم ولازم شيخه كمال الدين إسحاق.
قال لي أبو المفاخر محمد بن عبد القادر القاضي: لو أدرك القشيري شيخكم وشيخه لما قدم عليهما في ذكره لمشايخها - يعني الرسالة - أحدا