يقول: اللهم همك عطل علي الهموم، وحالف بيني وبين السهاد، وشوقني إلى النظر إليك، ومنع مني الشهوات، فأنا في سجنك أيها الكريم مطلوب. وربما ترنم بالسحر بالقرآن، فأرى أن نعيم الدنيا جميعه جمع في ترنمه تلك الساعة، وكان يكون في الظلمة لا يسرج عليه.
وعن سندويه قال: قيل لداود الطائي: أرأيت من دخل على الأمراء فأمرهم ونهاهم؟ قال: أخاف عليه السوط، قال: إنه يقوى، قال: أخاف عليه السيف، قال: إنه يقوى، أخاف عليه الداء الدفين، العجب.
روح بن الفرج: حدثنا يحيى بن سليمان قال: قال ابن السماك: أصبح داود الطائي جالسا على باب داره، فأتاه جيرانه فقالوا: يا أبا سليمان، ما بدا لك اليوم في الجلوس هنا؟ قال: إن أمي ماتت، فجلست لأصلح من أمرها، فأعانوه على دفنها، وتركت له جارية باعها بعشرين دينارا.
ويقال: إن ابن قحطبة الأمير أحب أن يصل داود الطائي، فكلم إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة أن يحمل إليه ألف دينار، فقال: لا يقبلها، قال: تلطف، فجاء داود فكلمه، وقال: قد علمت ما بينك وبين الحسن بن قحطبة من القرابة، وقد أحب أن يصلك فغضب، وقال: لو غيرك فعل هذا ما كلمته أبدا، قل له يردها على أهلها، فهم أحق بها.
وروى شهاب بن عباد، وغيره: أن داود الطائي قيل له: ألا تسرح لحيتك، وكانت مفتلة، قال: إني عنها لمشغول.
محمد بن شجاع الثلجي: أخبرنا الحسن بن زياد قال: أتيت أنا وحماد بن أبي حنيفة داود الطائي، وبلغه عنه فاقة، فأخرج له أربع مائة درهم، وتلطف به، فقال: ما لي إليها حاجة، ولو قبلت شيئا لقبلتها.
أبو داود الحفري، قال لي داود الطائي: أليس كنت تأتينا إذ كنا ثم؟ ما أحب أن تأتيني.
وقال محمد بن بشر العبدي: جاءنا داود الطائي في قباء أصفر، فكنا نضحك منه، فوالله ما مات حتى سادنا.