وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي: أخبرنا أبو نعيم، قال: رأيت داود الطائي وكان من أفصح الناس وأعلمهم بالعربية، يلبس قلنسوة سوداء طويلة مما يلبس التجار، وقد قال له أبان بن تغلب: هذا أعلم من بقي بالنحو، ثم قال أبو نعيم: كان أبان غاية من الغايات.
وقال إبراهيم بن بشار: قال داود الطائي لسفيان: إذا كنت تشرب الماء المبرد، وتأكل اللذيذ الطيب، وتمشي في الظل الظليل، فمتى تحب الموت.
وقيل: إن محمد بن قحطبة الأمير قدم الكوفة فقال: أحتاج إلى مؤدب يؤدب أولادي، حافظ لكتاب الله، عالم بسنة رسول الله، وبالأثر، والفقه، والنحو، والشعر، وأيام الناس، فقيل له: ما يجمع هذه الأشياء كلها إلا داود الطائي.
وقال محمد بن بشير: أخبرنا حفص بن عمر الجعفي قال: كان داود الطائي قد ورث من أمه أربع مائة درهم، فمكث يتقوت بها ثلاثين عاما، فلما نفدت جعل ينقض سقوف الدويرة فيبيعها، حتى باع البواري واللبن، حتى بقي في نصف سقف.
قال عطاء بن مسلم الحلبي: عاش داود الطائي عشرين سنة بثلاث مائة درهم.
وقيل: مرض داود، فقيل له: لو خرجت إلى الروح تفرح قلبك، قال: إني لأستحي من نفسي أن أنقل قدمي إلى ما فيه راحة لبدني.
ويقال: عوتب في التزويج فقال: كيف بقلب ضعيف لا يقوى بهمه يجتمع عليه همان؟!.
قال إسحاق السلولي: حدثتني أم سعيد قالت: كان بيننا وبين داود الطائي جدار قصير، وكنت أسمع حنينه عامة الليل لا يهدأ، فمما سمعته